اابتسامات ودموع
بسم الله الرحمن الرحيم
ابتسامات ودموع
الحب زهرة بريه تنمو دون ان ندرى..ما اجمل ان يفاجئنا وجودها..وما اجمل ان نحافظ على بقائها..انها زهرة غير قابله للقطف
,, المؤلفه..
قلب الزهرة
نوره احمد السيك السوهاجيه
الفصل الاول
رباب فتاة هادئة الملامح والطباع..عامل نشط بإحدى شركات السياحه الكبرى الموجوده..بمدينة الفراعنه..التى يحكى كل شبر منها سر من أسرار ملوك الفراعنه..مدينة الأقصر.مدينة السحر والخيال مدينة الحب والجمال..عروس الجنوب بمصر
كان الجو جميلا هادئا..كان صوت رباب يضج فى جنبات المعبد الكبير .."معبد الكرنك هو اعظم دار عبادة فى التاريخ وكيف لا واعمال البناء والتشييد استمرت فيه لمده تقارب 1500عام..فتح بعض افراد الفوج فيهم دهشة..صحبتهم رباب فى جوله فى اروقة المعبد وهى تسرد عليهم مالديها من معلومات عنه..سمى الكرنك بهذا الاسم بعد الفتح الاسلامى..حيث ان الكرنك تعنى الحصن..ومدخل المعبد كما راينا حينما مررنا به هو عباره عن طريق مزين بحيوان كان يمثل رمز القوة لدى الفراعنه..ومرت بهم فى طريق الكباش...
من بعيد كانت هناك عينان ترقبانها باعجاب..كان خالد زميلها فى العمل معها فى تلك الجوله وكان يحاول ان يشعر كل افراد الفوج بالراحه.. اشارت الى بعض الرسومات المنقوشه على الحائط الخارجى للمعبد وقالت:هذه سلسلة مناظر تمتد على نحو إثنان وخمسون متراوتمثل انتصارات رمسيس الثانى على الاسيويين.
ولقد بنى هذا المعبد لعبادة الاله امون وهو اكبر دار للعباده وقد شارك العديد من الفراعنه فى اقامته,سارت رباب مع الفوج إلى بهو الأعمده
،،لقد تم انشاء بهو الاعمده فى عهد رمسيس الثانى..ويعد من عجائب العماره اذ رفع سقفه على اعمده يبلغ محيط الواحد منها اكثر من عشرة امتار...وهناك..واشارت الى حجره خلف بهو الاعمده هذه هى حجرة القدس وبها تمثال الاله امون وهذه الغرفه كان دخولها مباحا للكاهن او الفرعون فقط,,اماهاتان المسلتان فهما مسلتا تحتمس الاول ومسلة حتشبسوت وهما المسلتان الوحيدتان الباقيتان
توقفوا بعد قليل عند البحيره المقدسه..كانت رباب ترمى بنظراتها الهائمه فى قلب البحيره متذكره لحظات قضتها هنا فى طفولتها..سالتها احدى السائحات عن سبب وجود تلك البحيره فى المعبد"هى بحيره انشاها ملوك الفراعنه وكانوا يقيمون حولها احتفالاتهم الرسميه..وعمقها 4 امتار..منحتها السائحه ابتسامة شكر فبادلتها رباب الابتسام..
فيما بعدجلست رباب على أحد الكتل الحجريه فى معبد الكرنك تتابع ببصرها الفوج السياحى الذى ترافقه وهو يلتقط الصور الفوتغرافيه ..
كانت سعيدة بعملها فقدكان حلمها هو الحياة فى طيات الماضى كما إعتادت أن تسمع أساطير الماضى تنساب من فم والدها_ رحمه الله_ فزادها شغفاً بالتاريخ..لم يكن باعتقاد احد انها ستمسى اسيرة لتلك الاحجار العتيقة وانها ستهرب اليها من احزانها؟؟..رغما عنها شرد خيالها,وأسر لبها تأملها لأعمدة المعبد التى تشهدعلى عظمة الحضارة الفرعونيه..
عادت ذاكرتها للوراء بضعة أعوام ليوم بعينه كانت تجلس فيه حزينه على نفس تلك الحجاره التى تجلس عليها..حينما تناهى لسمعها سؤال وجهته إحدى السائحات إلى رفيقها المصرى
ومما جذب فضولها ذلك الإرتباك الذى أصاب رفيق السائحه وتعمده تجاهل سؤالها.. ودون وعى منهاغلبها حبها للتاريخ فتدخلت لتجيب سؤال السائحه التى سرهاحماس رباب وبساطة اسلوبها وهذا كان أيضا ما لفت انتباة رفيق السائحه المصرى الذى لم يكن سوى أحد أعضاء شركه سياحيه كبرى جاء للتعاقد مع شركه سياحيه أجنبيه تمثلها تلك السائحه..عرفها فى ذلك اليوم بنفسه.
إعتذرت له رباب لتدخلها فى حوارة مع السائحه وأقسمت له أنها لم تتعمد ذلك..سامحها هو لكنه تساءل عن مصدر معلوماتهافأخبرته أنها طالبه بكلية الاداب قسم الاثار..كما أخبرته عن ولعها الشديد بكل مايمت للحضارة الفرعونيه بِِصله..وقدأعجبه ذلك وفوجئت بعرضه العمل عليها بشركته..وعدته بالتفكير
وعادت لمنزلها سعيدة بتلك الفرصه الذهبيه وقد
سعدت أسرتها الصغيرة المكونه من والدتها الحاجه صفيه ,شقيقتها الصغرى لقاء وشقيقيها احمد وحسين..وشجعوها..تمنت لحظتها لو أن والدها_رحمه الله_ معها ليرى ثمرة الموهبه التى غرسها فيها..وقبل ان يعلم احد ما بموافقتها اخذتها خطواتها الى مقبرة ابيها وجلست هناك على الثرى تبعثر حبيباته الناعمه بين اصابعها وعيناها تدمعان رغما عنها.. روت لة ما كان وطلبت رأيه ولو رآها احد ما فى ذلك اليوم وفى ذلك المكان وهى تحكى للمقبرة ماتمر به لظن انها مجنونه...وارتاحت بعدها واعلنت موافقتها على العمل
وهكذا إلتحقت بالعمل منذ عامين ومنذئذ وكل يوم يمر بعمرها هو بمثابة قصه جديده تخط سطورها فوق ساعات عمرها..
حينما وصل بها التفكير لهذا الحد إبتسمت لنفسها فخوره بما حققته.سعيدة بكونها هنا الان مع كل هؤلاء الذين يحبونها..رغم شعورها بالفراغ والوحده وبان هناك حلم لازالت تبحث عنه فى يقظتها لعلها تتمكن من اخراجه من دائرة الاحلام ليصير واقع..
.فجأةقطع عليها حبل أفكارها وميض فلاش كاميرا باغتها.إلتفتت تبحث عن مصدره..فوجدت سائحا ذو عينان خضراوين وشعراشقر داكن يراقبها فى هدوء..علت وجهها إبتسامه ثم نهضت باتجاهه تمازحه:أظنك اخطأت فى توجيه الكاميرا فها هنا تكمن الآثار_ وأشارت بيدها تجاه الأعمده القريبه_ولاأعتقدأن هيئة الآثار قدأضافتنى الى القطع الموجوده بالمتحف.إبتسم الشاب لدعابتها فى براءه.ثم فاجئها بلغته العربيه الممتزجه باللكنه الانجليزيه:اوافقك الرأى .إنما لك ابتسامه تفوق تلك الآثار روعه.ربما هم لم يكتشفوهابعد.لذا لم يضيفوها بعد الى قائمة الاثار..بل ربما عليهم ان يضيفوا اليها كلمة الاثار الاكثر قيمه
تصنعت الغضب:سيدى هذا غزل صريح قد أعاقبك عليه لكننى سأكون متسامحه هذه المرة وسأتركك تكمل التقاط الصورثم حيته مودعه متمنية له يوما جميلا.. كان البعض منهم يتجول فى اروقة المتحف والبعض يلتقط الصور التذكاريه والباقون التفوا حول بعض الطلاب المصريين الذين راحوا يتغنوا ببعض الاغانى الشعبيه والسياح يصفقون لهم فى استمتاع. عادت لبقية أفراد الفوج الذين أتت بهم للمعبد..،سالتهم"هل انتهى الجميع هنا من التقاط الصور..هز الجميع راسه موافقا..سالت رباب ثانية"هل لدى احدكم اى سؤال عن الكرنك؟نظروا لبعضهم البعض..كانت رباب قد منحتهم معلومات كافيه عن المعبد.
هنا سارت معهم رباب وهى تحكى لهم بحماس عن جولتهم التاليه فى معبد الاقصر..انتقلت حماستها اليهم بعد دقائق كانت رباب تشير الى تمثال رمسيس الثانى وهو جالس عند مدخل معبد الاقصر وامامه مسله واحده.:كما تروا امامكم فهذه مسله واحدة والاخرى قد ذهبت فى عطلة نهاية الاسبوه لتقضى اجازتها فى باريس فهى تزين ميدان الكونكورد فى باريس..ضحك الجميع على مزحتها..استطردت:لقد اهدتها مصر الى فرنسا عام1836م..وقد كان فى استقبالها ملك فرنسا ومائتى الف فرنسى....ولا انسى ذكر ان الفراعنه كانوا يغطون قمم مسلاتهم بمادة اسمها الالكتروم..وهى خليط من الذهب والفضه..لكن تلك الماده سرقت فى غابر الزمان..
تركتهم رباب يتجولون بحريه برفقة خالد..وبقيت هى بانتظارهم عند المدخل تتامل فى ذلك الملك الجالس..ترى كم زائر قد رحب به وهو فى جلسته الساكنه تلك.. وكم من الاجيال قد مر عليه ؟وترى كيف قاوم فى سنه ذاك كل عوامل التعريه..
بعد قليل كان الجميع فى طريق عودتهم الى الفندق
عادت بهم رباب للفندق وودعتهم على وعدباللقاء فى الغد؟؟كانت الشمس توشك على المغيب..
والطقس معتدل..كان الوقت لايزال باكرا على عودتها.. قررت المسير على ضفاف النيل قليلا..المراكب الشراعيه تسير على صفحة الماء فترسم شكلا سيرياليا..استندت بيديها على السياج الحديدى للكورنيش وراحت تراقب السفن الفاخرة الراسيه على الشاطىء..وللمره الثانيه لمع ضوء فلاش الكاميرا فى عينيها.نظرت محتجه إلى مصدر الضوءلتجد نفس الشاب الذى التقت به اليوم فى المتحف وكان كعادته يراقبها فى هدوء..لم تستطع مداراة إحتجاجها:هلاتكف عن ذلك؟هز كتفيه بلا مبالاه وقال :إعذرينى فتلك الكاميرا العنيده أصرت ألا تلتقط صورأً أخرى بعد أن التقطت تلك الإبتسامه الرائعة وطبعتها فى ذاكرتها..
لم تعلق بشىء..حاولت الا تخرج عن قواعد اللياقه خاصة انه بمثابة زائر غريب وفى ضيافة بلدها _اى انه فى ضيافتها..لكن على مايبدو انه كان زائرا ثقيلا:انستى..الم يقل لك احد من قبل انك جميله؟.....فكرت قليلا بانها لا تريد ان تطاوعه فى غزله فهى لا تضمن عواقب الامور والافضل ان تنسحب دون ان تتفوه بشىء
وولت عائده من حيث جاءت لكنه قطع عليها طريقها:أنا آسف لكن أنا فنان وتلك الاله العنيدة_واشار الى الكاميرا التى يحملها فى يدة_رفضت ان تلتقط شىء اخر بعد ان احتفظت بابتسامتك على رقائقها الالكترونيه..كان إعتذاراً مبطنا بالإطراء ولايمكنها رفضه:حسنا أنا أسامحك على أن تكف عن مطاردتى..منحها إبتسامة ثم مديده ليعرفها بنفسه:وينتورث..اسمى براين وينتورث.قالت لنفسها:وماذا بعد؟اتحدثه؟ام تغادر؟كلا لن تغادر فلا ضير من الحديث معه وهما فى مكان عام.كما انه ضيف..وابناء مصر هم اصل الضيافه.يمكنها ان تغادر وقتما تشاء..صافحته:رباب مصطفى حسين..سألته هل تمتهن التصوير أم أنه هوايه؟نظر لها بتعجب ثم نظر للكاميرا وهو يقلبها بين كفيه:لا هذا ولا ذاك فأنا استخدم تلك الصور فى أغراض اخرى..كررت كلمته فى تساؤل : اغراض اخرى؟؟
فقال بارتباك:أقصد فى مهنة أخرى فأنا رسام وتلك الصور تساعدنى على خلق لوحات رائعه..ولقدأ ُخذت اليوم بإبتسامتك خاصة ًوأنتِ تجلسين على تلك القطعه الحجريه فى المعبد تتأملين كل شىء بحبٍ كمليِكة فرعونيه هارِبة من عصرها لعصرنا هذا..ضحكت رباب لتشبيهه؟
انا لا اجاملك..انت فى الواقع شىء فريد..ارجو الا يضايقك حديثى..واعتذر عن تطفلى عليك كنت تبدين مستمتعه جدا بتامل النيل وارجو الا اكون ضايقتك بوجودى..
ردت بتهذيب:لم تفعل غير اننى لا احب الوحدة وقد انست برفقتك..انا احب ان اتى هنا كثيرا..الا ترى معى ان النيل فى بلدتنا الصغيره مختلف الى حد ما عن منظره فى البلاد الاخرى..هز كتفيه بلا اجابه..اسندت كفيها فوق سور الكورنيش :اشعر حينما اراه فى بلدتى بانه على حالته التى خلقه الله عليها ولم تعبث به يد انسان..
تراة وكانه لوحة فنيه عاليه الجودة والاتقان..كان مصغيا لحديثها الساحر..
وبدورها
راحت تسرد عليه الكثير مما تعرفه عن عالم الآثار..وعن عظمة الحضارة الفرعونيه..كان منصت اليها..لكنه لم يستطح ان يكبح جماح خياله فحلق بعيدا ليعود يسالها فجأة:أأنت مسلمه؟؟ فأجاها سؤاله,فأجابت على سؤاله بسؤالٍ آخر:ماذا يهمك فى الأمر؟؟..لا شىء فقط لفت نظرى أنكِ ترتدين غِطاءً للرأس كماالمسلمين فى بريطانيا..نظرت إليه طويلا ً تحاول أن تستشف ما يخفيه..قالت دون ان تفكر:براين هل تحاول أن تخبرنى أن المسلمين فى بلادك ليسوا أكثر من بشر ملفتون للنظر؟؟لم يفكر هكذا أبداً.. هى لا تعرفه فكيف تتهمه بهكذا إتهام دار كل هذا فى خلده وقد بدا الضيق على محياه
ابتسمت بتهكم:لا تبتئس هكذا فقد كنت امازحك..على مايبدو أنك لازلت لاتعرف شيئاً عن أساليب المصريين فى الحديث...أراحته إبتسامتها بعض الشىء
حسنا يا براين وينتورث أنا مسلمه فأرجو ألايضايقك هذا؟كانت باسمه,هز رأسه نفيا:كلا لست متضايقاً أبداً كما وأننى سعيدٌ بمعرفتى بك.
عادا للحديث عن مصر والحضارات التى ولدت على أرضها..سألها أثناء ذلك عن السبب الذى من أجله أصبحت مرشده سياحيه.أجابته:عشقى لكل حجر فرعونى .إستولت عليه الدهشه ثم سألها من جديد:وهل هذا يكفى؟أعنى ألايوجد من سبب آخر كالمال مثلاً ً؟.نظرت له بطرف عينها:هل أنت فنان لسبب آخر غير حبك للجمال والفن؟أفحمته بإجابتها....
فعلا أنتِ محقه..على الرغم من انك بهذا المبدا تصبحين غريبة الاطوار..سالته فى استهجان:لما؟رد:لان العالم لا يصير وفقا لما نحب بل وفقا لاولوياته
:وماهى اولوياته؟
:المال
.نظرت رباب فى ساعتها كانت تقارب التاسعه مساءً كيف مر الوقت سريعا هكذا؟
أنا.............
غداً...........
إختلطت كلماتهم..ضحكا.قالت رباب حسناً أنت اولا ً..قال:بل السيدات اولا ً.أنا..لقد..آسفه كنت أود الذهاب لأنى تأخرت على موعد عودتى للمنزل..نظر فى ساعته:لكنها مازالت التاسعه..
اعرف لكن أنا معتاده على العوده للمنزل باكرا كى لايدب القلق فى قلب أمى فترسل كتيبة البحث المكونه من أشقائى وكل ابناء الجيران وقد تضم لهم الاقارب وحتى اطفال الحي للبحث عنى.
ضحك ملء فيه:حسناً كما تحبين
:ألم تكن تريد أن تخبرنى شيئا
:لا أدرى فقد كنت أريد ان أسالك شيئا ما؟
:أنا أنصت
:هل..هل يمكن أن نلتقى غداً..إرتفع حاجباها دهشة ًوالتفتت إليه بريبه,
انا لا أقصد أن أضايقك كل ما فى الأمر أننى هنا بلا أصدقاء ولا أعرف شيئاً عن هذه البلد ولا عن آثارها وأردت أن أعرف كل شىء عنها منك.
لا بأس فلنلتقى غداً..هنا فى التاسعه صباحا..إتفقنا
:فليكن...سأنتظرك..غداً
ألقت عليه التحيه وإنسحبت مسرعه .خطت بضعة خطوات ثم التفتت خلفها واشارت لة باصابعها
راقب إنصرافها وفى عقله آلاف الأسئله المعلقه بلا إجابه....ثم إستدار عائداً من حيث جاء.
ظل سائرا حتى وصل الى الفندق الذى يقيم به..التفت نحو الشابين مفتولى العضلات اللذان كانا ينظران اليه فى ضيق وضجر,لم يبالى بهما واتجه الى مكتب الاستقبال ليحصل على مفتاح غرفته كان كل ما يحتاج اليه الان هو حماما دافئا ونوم عميق..لكنه حينما وصل الى غرفته القى بجسده المنهك فوق الفراش الوثير وابعد الماضى الى اقاصى ذاكرته واغمض عينيه على حلم جميل سوف يدعو الله ان يصبح واقع..
فى غرفه لا تبعد كثيرا عن الفندق الذى ينزل به براين كانت رباب مستلقيه على فراشها,لم تكن لديها رغبه فى تناول الطعام رغم ان اخر وجبه تناولتها كانت وجبة الافطار..تعللت لوالدتها ان حاجة جسدها للنوم اقوى من رغبة معدتها بالطعام ثم قبلت وجنتيها وتسللت لغرفتها..واستلقت على الفراش لتستدعى من ذاكرتها كل الاحداث التى مرت بها اليوم ما بالها ترتبك كمراهقة فى السداسة عشر..كانت تترد على مسامعها كثيرا من الاطراءت من اقاربها ومن زملاء عملها والجامعه فى السابق كانوا يمدحون رقتها وشقاوتها وتناسق جسدها وعيناها الدافئتان اوحديثها الشيق..لم تتاثر يوما بمديحهم..اما ان يحدث له كل ذلك الارتباك اليوم هذا ما يدهشها..ظلت تفكرحتى غالبها النعاس
الفصل الثانى
استيقظت رباب فى الصباح على هزة خفيفه من يد والدتها..نهضت متكاسله لكنها لم تلبث ان نهضت مسرعه حينما رات ان عقارب الساعه تشير للثامنه صباحا..وفى اقل من نصف الساعه كانت قد ارتدت ثيابها ووقفت امام المرآه للتاكد من مظهرها العام...وضعت حقيبة الظهر الصغيره على كتفها واتجهت لباب غرفتها حينما تذكرت شيئا فعادت ادراجهاالى المكتبه الصغيره التي تحتل جانب كبير من غرفتها
واخذت تبحث فيها عن شىء ماوبعد دقائق اطلت على شفتيها ابتسامة ارتياح
امسكت بين يديها كتاب متوسط الحجم باللغه الانجليزيه يسرد من خلال سطوره كثيرا من المعلومات عن الحضارات الفرعونيه وما بقى من اثارها فى مصر وايضا فى الدول الاخرى..وضعت الكتاب فى حقيبتهاوخرجت لتودع والدتها..وعدتها بعدم التاخير..شيعتها والدتها بنظرة رضا
فى ذلك الوقت قد كان براين واقفا فى نفس المكان الذى كان فيه مع رباب بالامس ,,كان مبكرا عن موعده لكنه اسيقظ مع اول اطلاله للصباح انتهى من حمامه ليرتدى ثيابه واعطى مفتاح غرفته لموظف الاستقبال,,وكعادته اتجه الى باب الفندق الخلفى وتسلل منه بحذر الى الشارع..داعبت وجهه اشعة الشمس ونسمات الهواء الدافئه..تلفت حوله ..لم يكن هناك من يتبعه..فتنفس الصعداء وراح يدندن لحنا غربيا هادئاوقد شرد بصره فى الافق,ومض فى وجهه ضوء فلاش كاميرا نظر خلفه ليجد رباب واقفه بانتظاره
:لم اكن اعلم انك فنانه..يا غريبة الاطوار..
:اذا فانا لم اخبرك الكثير عنى بعد.هيا سنتاخر هكذا
كانت جولتهم اليوم فى البر الغربي..كان تجوالهم فى الايام السابقه فى البر الشرقى او ما اطلق عليه الفراعنه قديما مدينة الاحياء..حيث قصور الملوك والمعابد الدينيه..اما البر الغربى فكانوا يطلقون عليه مدينة الاموات..نظرا لوجود المقابر فيها..اصطحبت رباب الفوج السياحى, فى جولة نيليه يرافقها فيها زميلاها خالد وساره..وكان الجميع يشعر بسرور بالغ كما ان وجود براين اضفى على المجموعه سحر خاص وقد اخذ الجميع بسحره وسريعا ما انسجم معهم
حينما وصلوا الى وادى الملوك.اخبرتهم رباب عن احتوائه على اثنان وستون مقبره..لملوك الفراعنه اغلبها كبير جدا بحيث يساع حوالى مائة وعشر حجره وممر..عرفتهم بمقبرة الملك الفرعونى الصغير توت عنخ امون الذى دام حكمه تسع سنوات وكيف تم اكتشاف مقبرته عام1922..واكتشاف كنوزها كامل دون ان تمسها ايدى اللصوص..
كان لابد ان يمروا على معبد حتشبسوت فى وادى الملكات..وهى الملكه الوحيده التى تولت حكم مصر الفرعونيه..ولم تنهى رباب الجوله بذلك بل سمحت لنفسها ان تاخذهم الى مقابر الاشراف التى كان يدفن بها الحكام والنبلاء الادنى مرتبة من الملوكومرت فى طريقها بمعبد الرمسيوم وهو المعبد الجنائزى الخاص بالملك رمسيس الثالث
كان الكل يصغى لحديثها
.انتهت من سرد ما تحويه ذاكرتها من معلومات وفيره عن البر الغربى..جلست تستعيد انفاسها فوق احدى الصخور
, اتاها صوت من خلفها،،كنت رائعة بحق،،لقد تناست فى غمرة ادائها لعملها وجود براين.ابتسمت لاطراؤه
:بماذا تفكرين؟اجابته فى شىء من الحزن :بالماضى
وضع يده على قلبه بشكل مسرحى وقال فى حزن مصطنع:يالك من قاسيه فقد كنت اظنك تفكرين بى ..استطرد بشكل درامى،هانا قد اذلنى الحب وانت لا تشعرين بعذابى
لم تتمالك رباب نفسها وعلت ضحكاتها وحينما هدات نوبة الضحك قال فى رقه:ارجو الاتمانعى ان تخبريننى عن هذا الماضى
بحثت فى عينيه عن سخريه او استهزاء..لكنها اصطدمت بشىء من الحنان يطل من عيناه تنهدت باستسلام
لقد كان هذا الجزء من المدينه بمثابة جنتى انا وشقيقتى.وكان والدى كثيرا ما ياتى بنا الى هنا..رفعت اصبعها تشير الى الفضاء الممتد حولها ثم نهضت من مكانها وسارت على غير هدى وهى تتحدث بعقل شارد.ها هنا كنا نجرى ونحن ممسكين بيد والدى تراءى لها والدها من بعيد يدعوها للركض..اتجهت اليه ،امسكت بيده وركضا سويا حتى نهاية الممر ابتسامته كانت فخورة بها ارادت ان تمرر اناملها على ملامحه..لكنه اختفى وتصلبت يدها وهى فى طريقها لوجهه
رمشت بعينها وكانها تستيقظ من حلم ما. كان وجه براين قريبا من اناملها ويدها الاخرى ممسكه باصابعه..كانت تركض معه هو
اندفع الدم الى وجنتيها
وسحبت يديها الى جانبها سريعا لكنه قبض بيده القويه على اصابعها:رباب ما بك
اسفه كنت وكاننى فى حلم فلتسمح لى اصبح لابد لنا ان نلحق بالباقون فقد اوشكنا على الذهاب
تركته واقفا تحت اشعة شمس الظهيره كانت اعصابه تنصهر لايدرى اذلك تاثير اشعة الشمس القويه ام تاثير شىء اخر
انضما لباقى الافراد ونبهت عليهم رباب انهم سيذهبون للسوق بعد قليل انضم براين لرفقة احدى الفتيات الشقراوات.. دون وعى منها نادت عليه التفت اليها.. ارتبكت لم يكن لديها ماتقوله فكرت قليلا ثم سالته هل ستاتى معنا فى جولتنا فى السوق
بدا وكانه لاحظ ارتباكها لكنه لم يعلق بشىء:لم لا ساذهب ان كنت لا تمانعين.استدار ليكمل حديثه مع تلك الشقراء.
فيما بعد كان الجميع ينتقى الهدايا من السوق
وكان الزوجان اليزابيث وجورج سميث يشكرانها على كل ما فعلته معهما..طلبا منها ان تنتقى بنفسها الهدايا التى سيشتريانها لحفيدتهم الصغرى اروين وان تساعدهم فى انتقاء الهدايا للابناء والاصدقاء لم تعترض.. اخبراها عن حفيدتهم اروين_ابنة ابنهما_ارياها صورة لها وانصتت هى لما يحكيانه عن شقاوتها ودا لو جاءت معهم لكن ارتباطها بالدراسه اجبرها على عدم مصاحبتهم
كانت تنظر الى ذلك الشاب الفارع الطول عريض المنكبين الذى يسير مع الفتاة الشقراء..لماذا تشعر بهالة من الغموض تحوطه ..تشعر.. وكانه يحمل الكثير من الاسرار فى جعبته استفاقت من افكارها على حديث جورج وإل
دخلوا احد المحال التجاريه الكبرى فى السوق كان التجار هناك يعرفونها جيدا بحكم ترددها الدائم عليهم وكانوا دوما يرحبون بقدومها
ساعدت جورج وإل فى انتقاء بعض الهدايا من عقود وثياب بدويه واوشحه مصنعه يدويا وانتقت سوارا جميلا من اجل حفيدتهم اروين ثم تركتهم لتتجول فى باقى ارجاء المحل اعجبها سوارا فرعونيا تاملته فى اعجاب كانت حبيباته الخرزيه رقيقه فى حياكتها والوانه غريبه فى مجملها. انبهرت بدقة صناعته..فكرت فى شراؤه لكن ثمنه كان مرتفعا ورغم ان البائع الح فى ان تاخذه باى سعر تريده نظير لكل خدماتها معه لكنها ابت ان تاخذه وتعللت بانها ستاخذ شىء اخر
دارت بين التحف التى يعج بها البازار,اختارت منحوته اثريه زهيدة الثمن لكنها دقيقة الصنع ونقدت البائع ثمنهاوحينما استدارت لتعود الى حيث تركت باقى الفوج اصطدمت بجسد يتكأ صاحبه على الحائط بكسل دون ان يبالى بالماره اوشكت ان توبخه لكنه لم يكن سوى براين
هل اعجبك شىء؟سالها فى برود
كلا فقد شاهدت هذه الاشياء عشرات المرات من قبل غير اننى اشتريت هذا التمثال
قال لها كنت اظن ان ذلك السوار قد نال اعجابك
ردت بسرعه:كلا فقد كنت فقط اتامل شكله ورغبة منها فى تغيير الموضوع.اين كاتيا كنت اراها معك منذ قليل فاين ذهبت؟كانت تقصد تلك الشقراء التى كانت بصحبته
احترم رغبتها فى تغيير الموضوع
لقد ذهبت لمحل العطور المجاور بعد ان جذبتها رائحة العطور النفاذه وقررت شراء البعض منها
وانت هل اعجبك شىء؟
لم اتفقد المعروضات بعد فهل ترافقينى
كانا يقلبان التحف اعجبه كل شىء ..واراد شراء كل ما اعجبها,,كانت تساعده فى ترجمة كلمات الباعه واثناء تجوالهم اعحبتها انتيكه زجاجيه بداخلها مجسم صغير لمعبد الكرنك وقد اعجب براين فورا بها
قررت رباب ان تشتريها له كهديه صغيره ورفضت كل محاولاته فى اقناعها بدفعه ثمنها لكنه وافق فى النهايه
كانت تهم بلانصراف حينما تذكرت السيده برينان التى شعرت بوعكه صحيه فآثرت البقاء فى الفندق..اشترت لها مسله فرعونيه مصنوعه من الرخام..اخبرته برغبتها فى اهداء السيده برينان شيئا يصرف انتباهها عن المرض..نظر لها باعجاب اراد ان يخبرها كم هى جميله فاق جمال روحها جمال شكلها,,لم يقوى على اخبارها.خيل اليها ان على شفتيه كلام يود ان يخبرها به..ارادت ان تساله لكن رنين هاتفها النقال قطع افكارها
احمد؟..انصتت قليلا..حسنا انا ساعود للفندق بعد اقل من ساعه..سالقاك هناك
رات فى عينى براين استفهام..هزت كتفيها فى لامبالاه انه احمد شقيقى اتراها واهمه ام كان براين قد شعر بارتياح وانفرجت ملامحه
عاد الجميع للفندق وكلا منهم يحمل العديد من الاشياء التى شعروا بالرضى لشرائها وجهوا لها عبارات الشكر مما اشعرها بالخجل فهى لم تفعل الشىء الكثير
تمنت لهم امسيه طيبه ..كان وينى اخر من هبط من الباص الذى اقلهم من السوق الى الفندق هل ستعودين الان للمنزل؟؟
كلا لازال هناك شىء اخير افعله قبل ذهابى..فكرت قليلا ثم قالت:تعالى معى سحبته من يده وصعدت درجات سلم الفندق بعد ان القت بالتحيه للحارس الموجود عند مدخل الفندق لم يندهش الحارس للسرعه التى تسير بها فقد اعتاد من تلك الطفله الشقيه على كل شىء
اما وينى فقد استولت الدهشه عليه لايدرى الى اين تاخذه ولم يهمه ان يعرف فقد كان لضغط اصابعها على اصابعه فعل السحر..شعر وكانه لاول مره يشعر بانه طفل يركض مع طفله دون ان يذكرا الواقع او يعلما مدى سطوة الاقدار
حينما وصلا للطابق الرابع كانا يلهثان ونظره من رباب لوجه براين المتقد من الركض جعلتها تغرق فى الضحك وسرعان ما انتقلت عدوى الضحك اليه وراحا يضحكان ويضحكان حتى تقطعت انفاسهما
سحبته رباب من جديد وسارا فى ممر صغير انتهى بهما الى غرفه جانبيه طرقت هى الباب وانتظرت حتى سمعت صوت ياذن لها بالدخول ادارت المقبض ودخلت
كانت السيده براين او مادلين كما تناديها نائمه فى الفراش وتشاهد احد البرامج على التلفاز,تهللت اساريرها حينما رات رباب ونهضت لترحب بهاطبعت رباب قبله رقيه على وجنتها ثم قامت بتعريف براين الى مادلين
براين لم تعرف كيف تصفه
اتقول صديق ام مجرد سائح ام ماذا ثم قررت ان تترك خانة الالقاب فارغه وعلى مايبدو ان مادلين قد شعرت بذلك
:براين هذه مادلين صديقه عزيزة على قلبى
ضحكت مادلين:هكذا هى دائماالعزيزه رباب حنونه ورقيقه
وافقها براين بهزه من راسه اطمئنت رباب على صحة مادلين ..فتحت حقيبتها
وتنا ولت منها الهديه لتعطيها لمادلين, سعدت بها الاخيره ايما سعاده.. شكرتها مادلين وقد بان التاثر على ملامحها ..كانت رباب مضطره للرحيل فودعت مادلين ووعدتها ان تطمئن عليها فى الغد.ودعها وينى وتمنى لها شفاء عاجلا بعد خروجهما من غرغة مادلين كان الصمت يعم عليهما اوقفها وينى فجاه..امسك معصمها:من انت بالله عليك ؟سانتا الذى يحمل هداياه للجميع فى ليلة الميلاد..ام احدى الاحجيات التى اقف عاجزا عن حلها.؟
ابتسمت له ..انا رباب ملكة السحاب..او ورفعت حاجبها بغموض ثم قالت غريبة الاطوار..واستطردت فى لا مبالاه اتعرف ان اسمى معناه السحاب الابيض؟
:لا اندهش من معناه فهو يشبهك بالفعل..لكن هل ياترى هناك عربه تجرها الخيول تختبىء هنا او هناك فى سحابتك البعيده؟؟
لم تعرف بما تجيبه فقد كان يبدو جادا وليس ساخرا كعادته
حرر معصمها من قبضته وادخل يدة فى جيب بنطاله ليسحب شىء انتابتها دهشه عظيمه حينما وقع بصرها عليه..امسك معصمها مجددا ليضع السوار الذى اعجبها فى البازار اليوم كادت ان تحتج لكنه لم يمنحها الفرصه لذلك احكم غلق قفل السوار وتناول يدهابين يده وتاهب للسير
رن هاتفها كان احمد بانتظارها فى بهو الفندق استدعت المصعد ودخلا اليه شعرت لاول مره بضيق مساحته خشيت ان يسمع براين خفق قلبها فى ذلك الهدوء
حينما وصل للبهو اسرعت بالخروج..حاولت ان تخفى مشاعرها المضطربه عن اعين شقيقها
كانت مضطرة ان تقدم احمد لبراين وفى دقائق كان احمد قد تناسى السبب الذى جاء من اجله للحديث مع رباب فى غمرة حديثه مع براين..كانا يتحدثان عن مصر واوروبا ومختلف بلاد العالم كان احمد مغامرا بطبيعته يحب السفر كما ان عمله فى الصحافه ساعده على تنمية هوايته فى السفر
كان دائما يقول ان فى السفر سبع فوائد رغم انه لا يعرف ايا منها..حصل احمد على ليسانس الاداب قسم الصحافه لكنه لم ينتظر ان ياتى العمل اليه كباقى الشباب بل سعى هو للحصول اليه..واخيرا التحق_ بعد بحث طويل_باحدى الجرائد المحليه وقام بابهارهم بمواهبه الصحفيه
شردت هى بعيدا عن احاديثهم كانت تتامل فى السوار الذى يحيط معصمها..كان يموج بعشرات الالوان..الوانه متداخله ببعضها كمشاعرها هى تجاة من اهداها اياه
لم ينتبهوا انهم قد قطعوا المسافه من الفندق الى منزلها سيرا على الاقدام..دعاه احمد لتناول قدحا من الشاى لكنه رفض بادب بعد ان شعر بالاضطراب الذى يموج داخلها
انصرف مودعا لكنها تذكرت شيئا فاسرعت تناديه قبل ان يبتعد فاستدار ملتفتا اليها
تناولت الكتاب الذى اختارته من مكتبتها فى الصباح من حقيبتها ومدت يدها تناوله اياه:هذا كتاب عن اثار مصر لقد اهدانى والدى اياه فى احدى جولاتنا وانا متاكده بانك ستستمتع بقراءته
همس لها اشكرك..رفع اصبعيه السبابه والوسطى ليضعها على طرف جبينه ليمنحها تحية الكشافه ..ارجوا لك ليلة طيبه ثم مال نحوها ليستطرد فى مرح :واحلام سعيده ..راقبت انصرافه حتى اختفى فى العتمه
الفصل الثالث
قضت رباب ليله مرهقة تتقلب فيها على فراشها وكانها تتقلب على جمر,,شىء ما يخفيه براين,,سر ما ,,وكيف لها ات عغرف ما سره؟...ترى ما سره؟؟
فى ذلك الوقت كان براين قد عاد للفندق تناول مفتاح غرفته من موظف الاستقبال الذى اخبرة ان هناك سيده كانت تسال عنه طيلة اليوم..اخبره ايضا انها ستعاود الاتصال به
صعد الى غرفته وعندما خطى داخلها وجد ان هناك زائرا بانتظاره..تجاهل براين ذلك الزائر خلع سترته والقاها باهمال على الفراش وفض غلاف هدية رباب بعنايه ليضعها فوق الكومودينو فى ركن الغرفه ووقف يتاملها متناسيا وجود زائر المساء
,,هل لك ان تخبرنى اخر تلك الحماقات التى تقترفها؟؟ نظر براين للسيدة ذات الشعر الذهبى والعينان الفيروزيتان واللتان كانتا تشعان غضبا،،انها ليست حماقات ..كما اننى لم اضع لها نهايه بعد..ثم كيف دخلت الى هنا؟
دخولى الى هنا وانت تعرف ذلك شىء لايصعب على فعله..واضافت بلهجه مبطنه بالتهديد.لقد سئمت العابك
..فكف عما تفعله وعد معى..لا وقت لدى لتلك الالعاب الصبيانيه.
العاب صبيانيه؟قالها بصوت جريح..وترى متى يمكنك ان تاخذيننى على محمل الجد؟انا لن اعود وانت امهلتنى فرصه للتفكير مدتها شهر واظن ان مهلتى لم تنتهى بعد..كما انصحك ان تكفى عن الضغط على باساليبك المباشر منها والغير مباشر,حتى لاتعض اناملك ندما على ماسيكون من اختيارى
استغرقت السيده فى التفكير لبعض الوقت ويبدو انها كانت تعيد التفكير فى بعض الامور:حسنا يابراين كما تحب سانتظر..لكننى كما تعلم لا احب ان انتظر كثيرا..ويجب عليك ان تلتزم باتفاقنا وعليه فيجب الاتتهرب من الحارسان اللذان جاءا لحمايتك
حمايتى..انفجر فيها صارخا..بحق الله على من تكذبين هنا؟فكل ما يهمك لا ان اكون بخير بل ان اكون تحت ناظريك طيلة الوقت..
:ربما فهذا فى حد ذاته حمايه لك من اى افكار قد تراودك
حسنا يا سيدتى لقد وصلت رسالتك
قبل ان تذهب قالت بنفاذ صبر:ارجوالا تنسى,افعل ما تشاء..فى حدود الاتفاق..
ساغادر الى لندن بعد غد فلدى صفقه ساوقعها هنا ارجو ان تعود لصوابك وتقرر العوده معي .غادرت واغلقت الباب خلفها دون ان تنتظر ان تسمع منه اى تعليق
كان لتلك الليله المرهقه التى قضتها رباب تاثيرها عليها فى اليوم التالى ..كانت منهكه.وضعت راسها بين كفيها وهى تجلس القرفصاء فوق فراشها تحاول ان تزيل الالم الذى احتل راسها..تحملت الالم وطوحت ساقيها بعيدا عن الفراش لتنهض وهى تتثائب..وقع نظرها على السوار الذى اهداه براين اليها ..اخذته من فوق المنضده والقته بعصبيه داخل احد ادراج المكتب الخشبى العتيق
فى الدقائق التاليه كانت قد ارتدت ثيابها واستعدت للخروج ..الحت عليها والدتها ان تتناول شيئا من الطعام..لكنها كانت فى عجله من امرها مما اغضب والدتها
فى الشركه سالت رباب ان كان الوفد الايطالى قد وصل ام لا..فقد كان من المفترض ان ترافق المدير فى استقباله..لكنها علمت ان موعد وصوله قد تاجل للاسبوع القادم فكان عليها ان تعود للفندق لتاخذ الفوج فى جولته اليوميه كانت تشعر بالدوار:هذا من قلة النوم والطعام،هكذا عللت لنفسها..
فى منتصف النهار قررت ان تمنح نفسها فترة راحه لتتناول فيها شيئا لكن كان عليها ان تنهى جولتها اولا
كانت تخبرهم كيف ان الفراعنه اختاروا مكانا ناء,,بعيدا عن قصورهم لدفن ملوكهم وملكاتهم وهو وادى الملوك قبل ان تنهى حديثها شعرت بسحابة سوداء تحجب عن عينيها الرؤيه سمعت صوت اصطدام جسدها بالارض
كان براين يتابعها منذ خروجها مع الفوج من الفندق لكنه تعمد الاتراه..كان قد اخذ قراره بالابتعاد عنها كى لاتتحمل معه عواقب ذنب لم يقترفه..لكنها حطمت قاراره لحظة اغشى عليها، ركض تجاهها وتسلل بين حشد السائحين الذين تجمهروا لمتابعة ما يحدث..حملها بين ذراعيه وتوجه ناحية سيارته رغم ان المسافه للوصول اليها كبيرا لكنه لم يشعر بالتعب ..كان قلقا خائفا،دعا الله الا يصيبها مكروه كان المشرف على الفوج قلقا هو الاخر وفى حيرة من امره لكن براين طلب منه ان ينهى الجوله كما كان مرتب لها وان يطمئن على رباب فهو سيرعاها ووعده بان يتصل به حال وصوله للمستشفى
اطمئن المشرف قليلا واطاع براين
فى المستشفى تولى احد الاطباء فحص رباب واكد ان ما بها ليس سوى ارهاق وسوء تغذيه..وطلب من براين ان تحصل على قليل من الراحه قبل معاودتها للعمل
ساله براين ان كان سيكتب لها اى ادويه فامرة الطبيب ان يصرف علاجها من اقرب مطعم بوجبه دسمه
فتحت رباب عينيها كان كل مايحيط بها مطلى باللون الابيض..انقبض قلبها..كيف جاءت الى هنا..اتراها تحلم اهى لازالت نائمه..فركت عينيها بقوة..فتحتها من جديد كانت ممده على شازلونج جلدى وكانها فى عيادة طبيب..نهضت من رقدتها شعر براين بحركتها فجاء سريعا اليها يساعدها فى النهوض
اين انا؟؟سالته فى وهن..
ساخبرك فيما بعد والآن هيا بنا..
استندت الى كتفه وهى تسير باتجاة باب الخروج كانت هنالك سيارة رياضيه سوداء فارهه واقفه بالقرب من المستشفى اتجه اليها براين وفتح بابها الخلفى لرباب لكنها تسمرت فى مكانها تنقل بصرها بين براين والسياره ولسان حالها يساله من اين لك هذا؟؟؟
وكانه قرا افكارها ابتسم وقال فى مرح ارجو الاتنتابك الظنون تجاهى انها سيارتى ولم اسرقها
بانت الدهشه على ملامحها فقد كانت تظن انه مجرد شاب بسيط لا ان يكون مالك لسياره فارهه كهذه لكنها قالت لنفسها انها قد تكون شىء عادى بالنسبه لشباب الغرب
سمحت له ان يساعدها فى الصعود للسياره ثم صعد اليها بدوره
اول ما فكر فيه ان يصحبها الى احد المطاعم الفاخرة فقد كان كل ما تحتاجه من علاج هو وجبه دسمه ومشروب دافىء
كانت رائحة العام الشهيه النفاذه تفوح فى المكان..كانت لاتجد شهيه لتناول الطعام لكنها لم تجد بدا من الحاحه..راح يقطع لها الدجاج المحمر فى صحنها واوشك ان يطعمها اياه لكنها نهرته:براين لايصح ان تفعل هذا لاتنسى اننا لسنا فى امريكا
:مابها امريكا الاتعجبك؟؟
:لم اقل انها لاتعجبنى انما لكم عادات تختلف عنا
امعنى هذا انك لا تحلمين بالهجرة اليها او حتى السفر اليها؟؟
:انها جميله دون شك لكن....
:لكن ماذا؟
:هى ليست حلمى
:وماهو حلمك؟
:لقد خرجنا من موضوعنا الرئيسى..
:لاتتهربى من الاجابه رباب.
:حسنا انا حلمى ان ابنى حياتى هنا كما اريدها ...هادئه,جميله,بها كثير من الحب الذى منحتنى اياه عائلتى سلفا..حلمى جذوره فى مصر وفى الاقصر خاصة فكيف انزع جذوره لاغرسها فى بلدغريب
كان يتاملها فى فخر
خفضت ناظريها الى صحنها متجاهله نظراته او لنقل انها هاربة منها
:رباب..لم تستطع ان ترفع عينيها اليه كانت تشعر بالخجل لانها تحدثت معه هكذا ببساطه
رفع ذقنها بسبابته مجبرا عينيها على مواجهته..ارجو ان تكون تلك المناقشه قد فتحت شهيتك للطعام ابتسمت ثم هزت راسها موافقه واقبلت على طعامها تلتهمه بتلذذ
كان يحكى عن اصدقائه وعن مواقف حدثت معه وكانت تضحك لتعليقاته الساخره وشيئا فشيئا تناست مرضها وقلقها
بعد ان انتهت من الاكل وراى وبراين انها اصبحت افضل اراد ان يكلمها ويبدو انها شعرت به
ماذا هناك؟؟سالته فى تساؤل
اراد ان يجيب لكنها سال نفسه هل من حقه ان يسالها ام ان هذا قد يكون تعدى منه على حريتها الشخصيه
براين...هناك كلمات اراهاتتراقص فوق شفتيك هات ما لديك كلى آذان صاغيه
:اردت ان اسالك هل هناك ما يضايقك؟؟ان كنت تجاوزت حدودى بالسؤال فلا تجيبى
صمتت قليلا..كلا هو ليس شىء ما يضايقنى..بل اشياء تقلقنى
تقلقك مثل ماذا؟؟
::اليس على اولا ان اشكرك على ما فعلته معى بالمشفى وايضا على تلك الوجبه الدسمه التى اشعر وكانى ساتظاهر بالمرض كل يوم لتصحبنى الى هنا
لست فى حاجه الى ذلك فلى الشرف ان ارافقك الى هنا كل يوم دون الحاجه الى ان تتظاهرى بالمرض...التهبت وجنتاها حياءا
لم تدرى بماذا تجيبه ففضلت الصمت تفهم هو صمتها واراد الا يستمر بالضغط عليها فكر ثم قليلاثم نهض فجاة ومد يدة اليها تعجبت من تصرفه
لكنها استعجلها:هيا بنا,قامت ظنا منها انه تاخر على موعد ما او شىء من هذا القبيل
اخرج حافظة نقوده ليدفع حساب ما تناولاه ثم نقد الجرسون بقشيشا سخيا مما اسعد الجرسون وترك ابتسامه كبيره على شفتيه
خرجا من المطعم وسارا معا
حينما وصلا الى سيارة براين مدت رباب يدها تودعه وهى تشكره على كل ما فعله معها لكنه امسك يدها واتجه بها الى باب السياره وفتح الباب داعيا اياها الى الصعود توقفت هى دون حراك
رباب ما بك اتخافين منى..ارتبكت..لا تخافى فتح ذراعيه على اخرها قائلا:نحن فى منتصف النهار وهناك الاف البشر حولنا فلا ارى هناك ما يدعو للخوف..لا اعتقد انه يمكننى اختطافك فى هكذا وقت
ضحكت من اسلوبه الطفولى المقنع
:حسنا اقتنعت انك لن تختطفنى فترى الى اين تاخذنى..فانا ارى انه يجب ان اعود للفوج السياحى الذى تركته هكذا
:اتعتقدين انهم لايزالون بانتظارك ..اظن ان الشركه قد اخذت خبر بما جرى لك ولابد انهم ارسلوا شخصا اخر ليحل محلك
:انت على حق..اذن الى اين نذهب؟؟
:اولا ستجرين اتصالا باسرتك ليطمئنوا عليك ربما يكون خبر مرضك قد وصل اليهم بطريق او باخرى
:امى ..يا الهى لابد ان ساره صديقتى وزميلتى فى العمل قد علمت وقد تكون اتصلت فى المنزل لتطمئن عليا ولابد ان امى قد ماتت قلقا عليا..اين هاتفى تذكرت انه فى حقيبة يدها
خبطت بيدها على جبهتها كانها تذكرت شيئا هاما..حقيبتى؟؟
اجابها براين:انها فى سيارتى اعطونى اياها حيتما حملتك حينما اغشى عليك
اتجه الى مقعد السائق وعاد بالحقيبه فى يده وناولها اياها
اختطفتها بسرعه وفتشت فيها باصابع مرتجفه عن هاتفها النقال
وجدته وبسرعه ضغطت ارقام هاتف منزلهم تسارعت دقات قلبها حينما اتاها على الطرف الاخر صوت والدتها::الو
:امى
:رباب ..اين انت يا بنيتى انا واشقائك نكاد نجن خوفا عليكى..سمعنا بما جرى لك من سارةوحاولنا الاتصال بك لكن هاتفك كان خارج نطاق الخدمه
:انا بخير يا امى كان مجرد تعب بسيط ..وقام احد الزملاء بمساعدتى وانا الان افضل حالا
سمعت تنهيدة ارتياح..لا تقلقى يا امى وطمئنى اشقائى وساره ,ساعود فى المساء
:حسنا انتبهى لنفسك ولا تتاخرى
:نعم يا امى لن اتاخر:لا اله الا الله
:محمد رسول الله
اغلقت الخط وقد بانت علامات الارتياح على وجهها
كان براين مستند الى السياره فى استرخاء يتابعها وهى تتحرك جيئة وذهابا فى توتر ممسكه بالهاتف تتحدث الى والدتها
:هل ارتحت الان؟
:نعم..لقد كانوا قلقين من اجلى
:الان وقد اطمئن بالك هل يمكننا الذهاب؟؟
:الى اين؟
:ستعلمين..واضاف وهو يجلس خلف المقود..فيما بعد
انطلقا بالسياره
اراد ان يذهبا معا الى كل مكان ..تجولا طويلا..الى كثيرا من محال الثياب والعطور والكتب..
اتجها الى الكورنيش وترجلا من السياره وكانت وكانها مراهقه تعيش لحظات لم تعيشها فى مراهقتها الطبيعيه اشتريا اكواز الذره المشويه من ذلك البائع الطيب وجلسا على السور يتناولانها..
كانا يضحكان على ذكريات استدعياها من ذكريات طفولتهما
وشاهدا الشمس وهى تتوارى فى الافق عند المغيب
مر الوقت سريعا ولاول مره لكل منهما ان يشعرا بمروره سريعا هكذا
اقل براين رباب الى الشارع الذى تقطن فيه وقبل ان تنزل من السياره امسك براين بكفها وطبع عليها قبلة رقيقه
:حينما رايتك ايتها الانسه لاول مره علمت ان قراراتى وحياتى كلها ستتبدل
لم تفهم رباب ما يعنيه.. كانت تائهة فى سحر تلك الخفقه التى تدق بجنون فى قلبها
..ادار محرك السياره حينها اسنفاقت من شرودها:الى اين الان؟قالت فى تساؤل
:لا لمكان ستعودين للمنزل فانت فى امس الحاجه للنوم..فلارهاق قد اخذ ماخذة منك..ولتعلمى ايتها العنيده انك ستاخذين اجازة حتى تستردين عافيتك..هل فهمت ما قلته؟
طاطات براسها موافقه..ربما كان معه حق فهى تشعر وكانها لم تنم منذ اشهر
خلال الدقائق التاليه كانا قد اقتربا من منزلها..كان الصمت يخيم عليهما لم يشا احدهما ان يقطعه..توقفت السيارة لكنها لم تترجل منها. شىء ما منعها,,اضطر ان يقطع ذلك الصمت القاتل بقوله
:سانتظرك غدا..
تطلعت فى وجهه فى استفهام..لماذا؟ماذا فى الغد..؟
:الم تواقفيننى فى اخذك الاجازة.
:اجل واظن انه سبب قوى لبقائى فى المنزل وليس ....انتظر ماذا تقصد بكلامك؟انا لست افهم شىء
:هذا افضل.. فمن الجيد الا تفهمى شيئا..مال نحوها ومد ذراعه ..قفزت من مكانها مذعورة لكنه تجاهلها ومد يدة ليفتح لها باب السيارة لفحت عنقه انفاسها الحارة المضطربه
وقفت تتابع السيارة المبتعده عن ناظريها..ياله من مغرور..متعجرف..من يظن نفسه ليملى عليها اوامرة هكذا ..انها بالكاد تعرفه..ربما عليه ان يعرف انها ليست كما يظنها سهلة المنال كباقى الفتيات..او ربما ظن انها مجرد طفله صغيره بامكانه ان يملى عليها اوامره ببساطه هكذا..
كانت لازالت تفكر فى ذلك المغرور الذى القى على مسامعها مطالبه دون ان ينتظر ردها وفيما يبدو انها كانت كانت تتحدث الى نفسها بصوت عالى لانها حينما دخلت الى ردهة شقتهم كان الجميع يطلعون اليها بسخريه..سخرت من نفسها..لم تقابله الا منذ بضعة ايام لكنه يكاد يفضى بها الى الجنون..
الفصل الرابع
كانت والدتها تدور حولها ولا تكاد تخرج من حجرتها حتى تعود بعد دقائق محمله بالعصائر والفاكهه..ثم تخرج لتعود من جديد ومعها الحساء الساخن ..انها تنين لا يرحم..لم تقتنع بما قالته رباب من انها قد ذهبت للطبيب الذى طمأنها الى انه مجرد ارهاق وتحتاج فقط للراحه..لكن والدتها قبلت بان تحصل هى على دور الطبيب وظلت فى ذهابها وايابها من والى غرفة رباب تدخل بطعام ومشروبات دافئه وتخرج لتعيد الاطباق نصف الفارغه الى المطبخ لتعود بغيرها..اجتذبت رائحة الطعام الشهى شقيقيها حسين ولقاء..عادت لقاء من الجامعه فهى طالبه فى عامها الثانى بكلية التجارة لتعلم بمرض شقيقتها..انتابها القلق هما ليسا مجرد شقيقتان بل صديقتان..ولانها تعلم ما تصبه الام من اهتمام مبالغ فيه على اى ابن يصاب لديهاويكون اهتمامها منصبا على تغذيته جيدا لذا تتبعت بحاسة الشم القويه لديها مصدر رائحة الطعام الشهيه ليصدق حدسها بان الرائحة مصدرها غرفة رباب.طرقت الباب بلطف ثم فتحتة دون ان يؤذن لها
وبنظرة واحدة اطمئنت ان ماتعانيه شقيقتها ليس سوا التخمه نظرا لاكوام الطعام التى كدستها والدتها داخل معدتها..رات رباب تلك النظره الساخرة فى عينى شقيقتها فرفعتى اليها اصبعها محذرة..لكن لقاء لم تبالى واطلقت العنان لضحكاتها..وجاء شقيقها حسين على اثر ضحكات رباب..اطل براسه من الباب المفتوح..التقت عيناه بعينا رباب همست رباب لنفيسها:ها قد ابتدا موال السخريه..الم تذهب للمحاضرات اليوم؟يبدو انك تقلل من شان كلية الحقوق انها ليست بهذه السهوله.رد بلهجة ساخره نوعا ما.يااختى انت اهم عندى من كل الشهادات..لقد سمعت من امى اخبارا مزعجه لكن على مايبدو انها كانت اشاعات مغرضه قال هذا وهو ينظر للاطباق الفارغه الموضوعه على المنضده
لم تهدا ضحكات لقاء بل ازدادت حده بعد ان تفوه حسين بتلك الكلمات..هدأ الجو بعد قليل وجلسا على يمينها ويسارها..اذن شقيقتى اخبرينا ماذا حدث..؟قالت لقاء
:ردت رباب بتذمر:لا شىء مجرد ارهاق الا يصدقنى احد فى هذا المنزل؟
جاءها صوت شقيقها الاكبر احمد:انا اصدقك..رغم ان هذا لا يقلل من مدى قلقى عليكى.
نفضت رباب عنها الغطاء التى دثرتها به والدتها حينما سمعت صوت شقيقها..ها قد اتى فارس احلامى..ثم وقفت فوق الفراش لتلقى بنفسها بين ذراعيه وكانهما لم يلتقيا منذ امد بعيد
حمدلله على سلامتك يا شقيقتى العزيزة ..لقد ذهبت الى الشركه بعد ان اخبرتنا ساره بما حدث وعلمت انك ذهبت مع شخص ما الى المشفى ولم استطع معرفة اى مشفى قد ذهبت اليه..
اطمئن فانا بخير لقد اصطحبنى براين..اتذكره؟
اجل اجل كيف حاله؟
انه بخير ولقد اخبرة الطبيب اننى ايضا بخير ولا داعى للقلق..
:امم .كانت هذة الام تنهيده مشتركه خرجت من لقاء وحسين معا..لقد تناست وجودهما
نظرت لهما:ماذا؟
:قال حسين وهو يستعد للنهوض :لا باس استمرا فى تمثيل مشهد طائرا الحب ساترككم الان فلا وقت لدى لمتابعة المشهد ومسح دموع وهميه تنساب من عينيه هزت رباب راسها مستنكره افعاله الصبيانيه وامسكت بالوساده القريبه لتلقيها عليه لكنه تفاداها وامسك بالوساده بعد سقوطها ليعيد القائها عليها وحاول احمد ان يجنبها الاصطدام بها وظلا فى حرب الوسائد هذة حتى تسللت لقاء لتخبر والدتها التى اسرعت بالمجىء لطرد كل الغزاة من غرفة مريضتها..
رغم ان رباب كانت تشعر بالاعياء لكن وجود كل هؤلاء حولها لا يسمح للمرض بالتسلل اليها..كان راى والدتها ان تنال قسطا من النوم حتى تستعيد نشاطها..وهذا ما فعلته..
حينما استيقظت كانت الحجرة غارقه فى الظلام..ازاحت الغطاء عنها وتناولت المنبه الموضوع على الكومودينو بجوار السريى كانت الساعه تشير الى الثامنه مساء..لقد نامت مايقرب خمس ساعات..نهضت من الفراش وقد اثقل النوم عينيها..كيف نامت كل هذا الوقت؟الهذه الدرجه كانت متعبه..؟
اضاءت النور فطالعها وجه والدها فى البرواز المعلق فوق جدار حجرتها..شعرت وكانه يرمقها بنظرة حانيه..تجمدت فى مكانها حدقت بالصوره..لا شىء بها سوى وجه والدها الجامد..وضعت كفها فوق جبهتها كانت دافئه بعض الشىء..لكن لا شىء يستدعى القلق..ربما تخاريف نوم..ابتسمت لترهاتها. كان فراش شقيقتها لقاء شاغرا.فتحت الباب كانت والدتها تجلس على كنبة الصالون الموضوعه فى الصاله تحيك شىء ما بين يديها ,وحسين يتقافز مسرورا بالجول الذى احرزة احد لاعبى النادى الاهلى فى المباراة التى يتابعها شقيقها..حجرة شقيقيها مضاءة وبما ان حسين يتابع المباراة اذن فاحمد لازال بالمنزل..لا اثر للقاءترى اين ذهبت؟ اتجهت الى والدتها وطوقت رقبتها بيديها ومالت لتطبع قبلة فوق وجنتها..التفتت اليها السيده العجوز مبتسمه:ها قد استيقظت حبيبتى الصغيرة..لملمت القماش التى كانت منشغله بحياكته لتسمح لرباب بالجلوس بجوارها..:تعالى هنا فلقد قلقت عليكى جدا الن تخبرينى ما الذى يدور هنا؟ووضعت ابهامها فوق جبين ابنتها
ارتبكت رباب وحاولت ان تركز انظارها على التلفاز مدعيه اهتمامها بشخص ما يقفز بالكرة فى المباراه التى يتابعها حسين..كانت تحاول ان تخفى ما بها عن امها فان التقت عيناهما فستكتشف الام ذلك البركان الثائر بداخلها
فى تلك اللحظه خرج احمد من غرفته لينقذها من ذلك الموقف
:ها قد استفاقت اخيرا الاميره النائمه..لقد ظننت ان امنا الحبيبه قد وضعت لك مخدرا ما بالطعام وغمز بعينه لامه التى لوت فمها استنكارا:هكذا انت دائما تسخر منى دائما..الاتحترم ابدا كونى امك..على ما يبدو اننى لم احسن تربيتك..انا لم اربى سوى رباب..هنا قال حسين بغضب مصطنع:ماهذا تغضبين من احمد فتصبين جام غضبك على انا ولقاء وتنال رباب التدليل..من يرى هذا يظن انها ابنتك الوحيده وانك التقطينا من على ابواب المساجد..ثم فرك جبهته مفكرا:وربما يكون هذا ما حدث فعلا..ثم تصنع البكاء الست امى..اخبرينى وركع بشكل مسرحى تحت قدميها واخد يضرب الوسادة بقبضته بشكل صبيانى..انت لست امى كنت اشعر بهذا فامى شقراء بعيون زرقاء وهى ترتدى احدث الثياب و..لم يكمل كلامه لان والدته انهالت عليه ضربا حتى اضطر ان يختبا منها خلف باب الحمام..ولكنها استمرت فى تعنيفه:امك شقراء وعينيها زرقاء اذن لماذا لا تشبهها بسحنتك السيئه تلك..اجابها من مكمنه:لانك قمت بتربيتى فصرت اشبهك..
كانا يتشاجران كالاطفال واحمد ورباب مستمتعان بتلك المسرحيه الصغيرة التى اضحكتهم كثيرا
بعد قليل جاءت لقاء وشاركتهم الضحك
بعد ان انتهوا من تناول العشاء تطوع حسين لرفع الاطباق عن المائده كما تطوعت لقاء لغسل الاطباق..قالت والدتهم فى دهشه:كل هذا لعيون رباب..تركتهم رباب..اخذت حماما دافئا ثم اندست فى الفراش مفكره بالغد وبه رغم انه لم يفارق تفكيرها طيلة اليوم وقبل ان تنام رن هاتفها المحمول رات على الشاشه رقم غريب:الو
:اهلا ياغريبة الاطوار..
كادت ان توقع الهاتف من يدها,انه هو راح قلبها يخفق بجون ..ماذا دهانى انه مجرد شخص ساعدنى اليوم حينما احتجت اليه اليوك عدا عن كونه لايعدو ان يكون مجرد صديق من بلد غريب وكررت لنفسها بصوت عالى من بلد غريب غير منتبهه انه لايزال على الخط
:نعم ريباب اتحدثينى..اتسمعيننى؟
:اجل كيف حالك؟
:بخير كيف حالك انت الست افضل حالا من حالك بالصباح؟
:اجل اشكرك..
:حسنا لقد اردت الاطمئنان فقط على صحتك..واعتذر لاننى غافلتك اليوم وحصلت على رقم هاتفك كنت قلقا عليك ولم افكر بما افعله ارجو الا اكون ضايقتك
لاباس
حسنا اراكى غدا فى التاسعه فى مكاننا
:غدا..؟ لن..
سنكمل حديثنا حين نلتقى
ولكن
تصبحين على خيرا اراكى لاحقا ..واغلق الخط
ظلت ساهمه بضعة دقائق ثم استسلمت للنوم سريعا وكانها تستعجل قدوم الصباح
فى تلك اللحظه كانت امها تقوم باستجواب لقاء وحسين تحاول ان تستخلص منهما سبب شرود رباب ولانهما لا يعلما شيئا فلم يجيباها بشىء يريحا ورضخت فى النهايه وقررت الا تستبق الامور وستنتظر الوقت الذى تاتى فيه رباب لتحكى لها كل شىء كما تعودت منها دائما
الفصل الخامس
كانت الساعه تشير للسادسه صباحا..كانت رباب جالسه فى شرفة حجرتها وبين يديها كوبا من الشاى الذى اعدته فى وقت باكر..اسندت يديها على درابزين الشرفه ورفعت راسها عاليا تتطلع الى السماء التى تشبه غطاء مخملى بتلك السحب المنثوره فيها..كم تحب بلدتها الصغيرة..بجمالها الفتان وسحرها الخلاب..الصباح فى بلدتها شىء تستمتع بمراقبته وشروق الشمس لديهم يشبه ولادة طفل صغير..فهى تولد من بعيد صغيرة جدا بلون الذهبى المميز ثم تكبر وتكبر حتى تعلو فى كبد السماء..تماما كطفلك الذى يحبو امامك ثم يبدا فى المسير حتى يشب عوده..
لم تشعر رباب فى شرودها ذاك بامها تدخل الغرفه..لم تستفيق من شرودها الا على يد امها تهزها:رباب؟ما الذى ايقظك مبكرا هكذا؟؟امريضة يا بنيتى؟ولم تنتظر الاجابه بل وضعت يدها على جبين ابنتها تستكشف حرارتها..لكن حرارتها كانت معتدله..
قالت رباب تطمئنها:ليس بى شىء يا امى..انا بخير صدقينى..
رباب..مابك يا حبيبتى؟انت لا تعجبيننى ..اهناك ما يضايقك؟اخبرينى انا امك؟
رفعت رباب يد والدتها الى شفتيها وطبعت عليها قبلة شكر اودعت فيها كل الحب الذى تحسة فى تلك اللحظه تجاة والدتها العجوز الطيبه..ارتطمت شفتيها بتلك العروق النافره في يد والدتها..وكانها طرق من الكفاح قد حفرت على تلك اليد...كم هى قويه..؟لقد استمدت رباب قوتها من تلك اليد التى ساندتها وهى بعد تحبو على يديها وارجلها..وكم مسحت عنها تلك اليد دمعات بكتها ...نظرت رباب الى وجه امها طويلا ثم لم تستطع ان تكبح جماح نفسها ارتمت بين ذراعيها واجهشت بالبكاء..كم اشتاقت الى وجود ابيها وضحكته الرنانه يتردد صداها فى اجواء منزلهم..
:رباب..رباب..كانت والدتها تناديها لم تعى فى البدايه ندائها لكنها استفاقت من لجة الذكريات التى غمرتها لتعود الى رشدها حيث كانت تقف امها امامها فى شرفة منزلهم..كررت الام سؤالها فى الحاح:يا بنيتى خبرينى ما بك؟
مسحت رباب دموعها بظهر يدها ثم القت راسها للخلف ضاحكه:يالك من ام لجوج.
حملت كوبها الفارغ واتجهت الى المطبخ تاركه امها وحدها فى الشرفة تضرب اخماس فى اسداس..
كانت رباب تقف امام المرآة تهندم ثيابها حينمادخلت والدتها الغرفة :هل لى ان اعرف الى اين انت ذاهبه؟
:مثل كل يوم انا ذاهبه الى الشركه..
:لكن انت فى اجازة اليس كذلك؟
:اجل لكننى اشعر اننى افضل حالا لذا ارى انه لا داعى لتلك الاجازة
:لكننى ارى هناك داع لتلك الاجازة..فانت لم تتعافى تماما وربما تمرضين اكثر ان تجاهلتى امر الطبيب بالراحه..
قالت رباب مازحه:انا سامرض اكثر ان بقيت وسيف اسئلتك اللحوح مسلط على رقبتى..
:ابتسمت امها لمزاحها..:هكذا اذن..
طوقتها رباب رقبتها بيديها :لا تغضبى يا اماة.انا بخير واعدك ان احاول ان اظل هكذا...وقبلتها سريعا ثم اختطفت حقيبتها من فوق الفراش واسرعت تفتح باب الشقه لتقطع كل درجتين معا.. وقفزت فى اول تاكسى صادفته..
كان قلبها يخفق بجنون ..تسمعه يعزف سيمفونيه مع تكات الساعه التى تدق فى معصمها تشير الى التاسعه وبضع دقائق..
فى ذلك الاثناء كان براين يقطع طريق الكورنيش جيئة وذهابا..فقد استيقظ باكرا بعد ليله تأرق فيها جفناه..كان قلقا خائفا الا تاتى..ماذا جرى له..سؤال لم ترد له اجابة بعد..حينما وقف التاكسى على ناصية الطريق كان قلق براين قد وصل الى ذروته..حتى انه اوشك ان يستقل سيارته ويتجه الى منزلها دون ان يخشى لومة لائم..
حينما التقت عيناهما وثب قلبه من مكانه..وتنفست الصعداء كانت تدعو طيلة الطريق ان يكون لازال بانتظارها رغم تاخرها على الموعد..خشيت ان يكون قد ذهب..
خطوتان تفصلهما..نظرت هى الى الخطوتان وتسائلت فى نفسها:اتراهما خطوتان؟ام ترى ما يفصل بينهما اكثر من ذلك..
لم يكن ذلك ما يشغل براين فى ذلك الوقت..
:هل انت جاهزة؟ ونظر الى بنطالها القاتم والجاكت الانيق وحذائها الرياضى ..ثم رمقها بنظرة استحسان معلقا.:ارى انك جاهزة
:جاهزه لم.؟
لم يرد لكنه سحبها من يدها واستوقف احدى سيارات الاجره الماره فى الطريق..
حينما جلسا على مقعد الباص الصغير همس لها:انت اليوم سائحتى وعلىّ كمستضيف ان احسن ضيافتك..ضحكت عاليا لكنها خفضت صوت ضحكاتها حينما رات عيون الناس تتطلع اليها
اتجه براين بها الى مكان لم تزره من قبل..حينما توقفت السياره ترجلا منها وسارا معا قليلا ثم استوقفها براين بغتة ليسالها:
هل رايتى المدينه يوما من هناك؟واشار للسماء..ا
:اتقصد ركوبى طائره؟هزت راسها نفيا..
:حسنا..انا سعيد لان البدايه جيده فستكتشفين اليوم اشياء جديده..
فى مكان ما فى ارض واسعه..كان بانتظارهما رحله مع مجموعه سياحيه,,حينما سالها ان كنت قد رات المدينه من السماء ظنت انه سياخذها فى رحله بالطائره لكن..كان هناك شىء اخر بانتظارها
ارتفع بهم المنطاد رويدا رويدا بعيدا عن الارض كانت مذعوره وتشبثت بكم قميصه..وكان هو ينظر اليها باسما تطل السعاده من عيناه..بدا خوفها يهدا لتعى الاشياء حولها وترى جمال المدينه من السماء..استمرت رحلتهم حوالى خمسون دقيقه..مرت عليها وكانها بضع دقائق وحينما حطوا من جديد على الارض كانت رباب فى اوج سعادتها..لا تجد من الكلام ماتشكر به براين على فعلته الجنونيه تلك..
كانت متقطعة الانفاس مبهورة بما راته من جمال..
:حسنا يا سيدتى هناك المزيد..
كانت وكانها سائحه فى جولة سياحيه..
انتقل بها براين الى مكان مر على زيارتها له مالا يقل عن عشرة اعوام,,لقد اخذها الى مدينة الملاهى,,توقفت قليلا عند الباب المعدنى الكبير اتراها تحلم..تشعر وكانها كانت هنا بالامس..تكاد تستشعر ضحكات شقيقتها لقاء وصيحات اخيها خسين وهو يتارجح فى الارجوحه ذات السلاسل المعدنيه....وهى قلبها يكاد يتوقف خوفا عليه
سحبها براين من يدها كانه يمسك طفلة صغيره..تسابقا فى لعبة السيارات..وتمسكت بذراعه خوفا حينما تحركت بهما لعبة الاخطبوط..وكلما علت بهم عن الارض قليلا كانت هى تصرخ فزعا..وكلما اقتربت من الارض من جديد تحدق فى المسافة الفاصله بينهم وبين الارض برعب قاتل..
واقنعها بعد تلك التجربه ان يقوما بتجربة الساقيه..وتقطعت انفاسه ضحكا حينما توقفت بهما اللعبه واصبحا معلقين بين السماء والارض وهى توشك على البكاء كطفلة صغيره ويديها تسحقان اصابعه لكنه كان مسرور..
فى النهايه وقفت رباب على باب المدينه الترفيهيه وقد مادت بها الدنيا خشى براين ان يكون هناك ما يؤلمها لكنها كانت لاتزال فاقدة للشعور بالجاذبيه الارضيه بعد معاناتها مع تلك اللعبه التى اسمتها باللعب الانتحاريه..
كانت الشمس قد اوشكت ان تغيب وقد نسيا فى غمرة انشغالهما باللعب ان يتناولا شىء حتى قرصهما الجوع..
:براين؟
:نعم
:انا جائعه
:وانا ايضا
:اذن هيا بنا
:انت مضيفى..فلتفكر الى اين ستصحبنى الى تناول الغداء
:انت على حق..هيا بنا فهناك مطعما قريبا يقدم افضل الوجبات الشعبيه المصريه من فول وطعميه..
:اهذا طعام ام كما اعتقد مطلع اغنيه
ضحكا سويا..ثم توجها لذاك المطعم
فى المطعم سالها عما تريد ان تاكله؟فرات انه من الافضل ان تكتفى بالطعميه
اما هو فقد كانت شهيته مفتوحه واراد تجربة معظم الاطعمه الموجوده بالمحل..من فول وطعميه ومسقعه..وكان يسالها عن معانى اسماء الاكل ولكنها لم تكن تدرى الاجابه فهى لا تدرى لما سمى الفول فولا..ولا المسقعه مسقعه رغم انها تؤكل ساخنه..
براين..
ترك طعامه ليستمع اليها:اردت ان اشكرك..من زمن ليس بقريب وانا لم استمتع بجولة كاليوم..اشكرك ثانية
منحها هزة خفيفه من راسه..وعاد لاكمال طبقه
فى تلك الاثناء فى مكان يبعد الاف الاميال عنهما..كانت هناك سيده تقطع حجرة مكتبها جيئة وذهابا وهى تتقد شررا..:ايها العنيد..ماذا افعل بك..كيف يمكننى ان امحو من عقلك العنيد هذا كل تلك الترهات..
كانت ريموندا وينتورث فى اشد حالات غضبها حينما دلف والدها الى حجرتها..مابك؟لما كل هذا الغضب
:انه ذلك العنيد..اخبرته اننى لا اطيق الانتظار اكثر من ذلك ولكنه كعادته تجاهل كل تهديداتى وانذاراتى وكانه يتحدانى
:لا تحل الامور هكذا
:بلى..لكنه ايضا تخلى عن رفقة الحارسين اللذان عينتهما لحراسته..ماذا يريد بذلك..ايظننى ساترك له الحبل على الغارب
:لا تكونى عنيده..وارى انه قد اخذ تلك الصفه منك..دعيه يفعل ما يشاء فلن يبتعد كثيرا..اعدك
هدات ثورتها قليلا..:حسنا يا ابى كما ترى..لكننى لن اصبر كثيرا..وعليه ان يتعلم ان يطيعنى
الفصل السادس
جاء النادل ليرفع اطباق الطعام الفارغه,,طلب منه براين بان ياتيهما بكوبين من الشاى..:اتعرف انك تتعلم تقاليدنا بسرعة غريبه؟
لم يفهم ماتعنيه
:لما تقولين ذلك..؟
لاننا نفعل هذا..نتناول طعامنا ثم نطلب بعده كوبا من الشاى..
:لكن لما تظنين اننى اتعلم تقاليدكم.؟
:ماذا تعنى؟
:اعنى انه..الاتعتقدين اننى قد امون قد تعلمتها بالفعل منذ وقت بعيد؟
:احقا؟كيف؟ ومتى؟ ولما؟
:متى وانا طفل..كيف فلا ادرى كيف تعلمتها فقد تعلمتها بالفطره وبما راته عيناى وسمعته اذناى..اما لما فقصتها طويله وارى انه قد حان الوقت لتسمعيها لكن ليس هنا..
:حسنا
:سنتناول مشروبنا ونذهب الى محطتنا الاخيره
كانت محطتهما الاخيره عند نقطة البدايه على ضفاف النيل..جلسا على المقعد الرخامى الواجه لصفحة النيل ..وبدا بيراين فى سرد قصته
قد تتسائلين بعدما انهى قصتى عن السبب الذى دعانى لمصارحتك بهويتى..لكن اعلمى اننى متيم بك وقد آن الآوان لتعلمى ذلك..لم يتوقف ليرى وقع كلماته عليها با واصل كلامه..انت تهربين من ذلك العالم ذو المثل المشوهه الى آثارك التى انت متيمة بها ..اما انا فلك يكن لى عالم حتى جئت الى هنا..
البدايه كانت منذ سبعة عشر عاما
المكان مدينة نيويورك..الزمان العاشر من نيسان_ابريل_الفتى المصرى الشاب الذى انهى دراسته وكان حلمه ان يكمل دراسته بالخارج ..اعانه والداه اللذان من الطبقه الكادحه على شراء تذكرة السفر الى جنة الاحلام كما اسماها..وهو على موعد مع القدر هناك..لم يكن يدرى انها جحيم الاحلام..كان عليه ان بعمل ليحصل على المال من اجل دراسته..لكن انتهى به الامر ان يختار بينهما..اما ان يعمل او يدرس فطاقة جسدة الضعيف لا تكفى للقيام بالعملين..فاختار افضل الحلول وتخلى عن طموحة من اجل ان يعمل..كان قد التحق بالعمل كنادل فى احد المطاعم الفاخره..وهى فرصه عظيمه لمن هم فى مثل ظروفه..
لم يكن يشغله شيئا سوى العمل ثم العمل..حتى التقاها..فاحتلت كل شغله الشاغل..وصار متيما بها يراقبها تتناول طعامها..ووهى تضحك خاصة انها تميل براسهلا وهى تضحك فيتناثر شعرها على كتفيها كغيمة تحجب وجه الشمس..ولفت نظرها اهتمامه..ثم تدريجيا بادله الاعجاب ثم انقلب الامر الى حب جارف..
كانت فتاه ثريه مدلله..اسرها لونه الاسمر طيبته الساذجه..وقد عارض والدها تلك العلاقه لكنها كانت تحب ان تعارض معارضته..فتمسكت بفتاها وارغمت والدها على الموافقه على الزواج..فوافق على مضض..
وكان ثمرة هذا الحب الغير متوافق طفل نما فى احشائها..كان الامر فى البدايه جميلا ثم راحت تراة بعد ان فقد متعته وخبت اضوائه فى عينيهاشيئا يبعث على الملل..وتعقد الامر بعد ولادة الطفل..وولدت المشاكل معه وتعاظمت..وبدات شخصيتها المدلله تطفو على السطح..وبدات تتمرد على القيودوعلى تقاليد الزوج الشرقى..ورات غيرته التى جذبتها فى البدايه شىء رجعى..ومر العام تلو العام حتى لم تطق صبرا..طالبته بالطلاق..حاول اصلاح الامر حتى لا يتشتت الطفل بينهما لكنها كانت قد اتخذت قرارها..وحزمت حقائبها وعادت الى بيت ابيها مهدده الزوج اما بالطلاق او التصرف بنفوذ وسطوة والدها..
ووقع الطلاق وعاد الاب الى موطنه ولا يحمل من حلمه الذى سافر به سوى طفل لا حول له ولا قوه له
خمسة اعوام مرت..وهو يمثل دور الام والاب معالابنه الصغير..الحقه بمدرسة راقيه باحثا له عن مستقبل افضل,,لكن تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن..فلقد عادت الام لتطالب بحقها فى الابن..جن جنون الاب..لكن تلك عادتها فهى تحصل على كل ماتشاء وقتما تشاء..وبعد دعوه قضائيه..خرجت فيها بالابن بين يديها هكذا بكل بساطه..
توقف براين ليسترد انفاسه..ثم عاود الحديث..كانت عيناة دامعتان..اخر ما اذكره من ابى دموعه التى احرقت وجنتى وهو يقبلنى قبلة الوداع ويعدنى ان نلتقى..اوصانى ان اتمسك بما علمنى اياه من مبادىء دينى..وسحبتنى امى من بين ذراعيه ونظرة الظفر والشماته تطل من عينيها وكاننى جرو صغير تجره خلفها.
وعدنا الى لندن..وحاولت جهدها ان تبعدنى عن اى مكان قد يجدنى فيه ابى..فذهبنا انا وهى للعيش فى فرنسا وكانت فى البدايه تمنحنى اهتمام امومى زائد عن الحد وتكررت القصه..فبعد مرور اقل من عام عاودها الملل من واجبات الامومهفارسلتنى الى احدى المدارس الداخليه ومارست هى حياتها وكان شييئا لم يكن..وصرت اراها كل عام..
اما جدى فظل على نفوره منى ومن ابى ونظرته لى باننى من ذوى الماء الملوثه..ودمى ليس انكليزيا..لانه لا تتلط الدماء الشرقيه بالدماء الحمراء الاوروبيه..وكلما زادت السنوات فى عمرى ازدادت امى ابتعادا عنى..وتعرفت على اصدقائى المسلمين اثناء سنوات الدراسه..وكنت الجا اليهم اذا ماتناست امى موعد عطلتى فاجد لديهم الماوى..وكل اسرة منهم تضعنى بمثابة الابن فاصبح لى اكثر من ام واكثر من اب وبعد تخرجى منحتنى امى بعض المال لاصنع منها مشروعا يدر دخلا اعتمد عليه ..لم تسالنى عما اريد ان اصنعه بهذا المال فسافرت به الى فرنسا واشتريت شقة متواضعه حولتها الى صومعة فكريه وفنيه..
قررت وقتئذ ان ابتعد لوح الجليد المسمى ريموندا فريدريك وينتورث..
كل هذا وشىء واحد راح يؤرق مضجعى الا وهو ابى..لم يسقط صوته من ذاكرتى ولم تفارق عيناة مخيلتى..فجئت لابحث عنه دون ان اعرف له شكلا او عنوانا ولا املك حتى صورة واضحه..وقد اخفت امى كل معالمه من حياتى حتى اسمه سلبتنى اياه ومنحتنى اسمها بدلا منه..فصرت براين وينتورث بعد ان كنت مروان ابراهيم..وكل محاولاتى للبحث عنه هنا قد باءت بالفشل
كانت رباب جالسه تنصت اليه ولم تتفوة بشىء
خيم الصمت عليهما.وكانت الشمس قد غابت
براين ..
:لم انتهى بعد..فقد اخبرنى صديقى سيف انه تقصى عن اسم والدى لكنه لم يصل الى شىء..ومنذ ان علمت امى بمخططى وهى تستشيط غضبا امهلتنى مدة للعودة الى صوابى..وقد انتهت تلك المده ..
:ماذا تعنى بذلك؟
:هى لا تريد ان ينتصر ابى عليها حتى بعد مرور كل هذة السنوات فهى ترى رجوعى اليه هزيمة منكرة لها..هى لم تعارض اتجاهى للاسلام ولم تعارض مجيئى للقاهره ولا صداقاتى ولا عملى لان كل هذا لا يهدد مملكة انانيتها..لكن ابى هو الجحيم بالنسبة لها..مد براين يده فى جيبه واخرج بقايا صوره قديمه لطفل بشعر اشعث ورجل وسيم يضع يديه على كتفى الطفل..مد يده بها الى رباب:هذا انا وابى..
:كان وسيما مثلك..اشرقت على وجهه ابتسامه وكانها طلة الصبح بعد ليلة حالكة الظلام..سالها براين مباشرة:اتريدين منى الانتظار؟ام هل ارحل غدا..
لم تدرى بما تجيبه..طال صمتها
ابتسم بحزن..:سارحل فى الغد..
كان الوقت قد تاخر بها وعليهاان تعود قبل ان تقلق والدتها..سارا جنبا الى جنب وكلا منهما فى شروده حتى وصلا الى منزلها..اوشكت ان تدعوه لتناول شىء ما..لكنه استدار عائدا ..حمدت ربها ان شقيقها احمد جاء فى اللحظة المناسبه ليدعوه الى الدخول قبل ان يرحل وهى لم تودعه
حينما فتحت الام الباب تفاجات بحضور براين لكنها رحبت به..وكان احمد اجمد يتحدث بلا انقطاع عن كل شىء ..كان يحلو له الحديث مع براين..بعد قليل استئذن براين فى الانصراف وقبل ان يصل الى الباب لحقت به..
:انتظر..هناك شىء اود اخبارك به؟
:إذن؟
:اريدك ان تبقى
:اراد ان يحتضنها بل يصيح عاليا اراد ان يفعل شىء مجنون لكنه تماسك
:رباب..سيكلفنى هذا القرار كثيرا..لكننى سابقى.لاجلك..
الفصل السابع
لم تسمع رباب اى خبر عن براين فى الايام التاليه..وانتهت فترة اجازتها وعادت للعمل..كان عليها ان تذهب برفقة احد الافواج الى اسوان
عادت لمزلها لتوضيب اغراضها كانت الرحله ستدوم لخمسة ايام..حاولت عبثاان تبعد براين عن ذاكرتها وان تركز على جمع اغراضها..بلا جدوى..حاولت ان تؤخر قيام الرحله الى اطول فترة ممكنه على امل ان تحدث معجزة وتتمكن من رؤيته قبل ان تغادر..هذا ان كان لا يزال هنا..قالت لنفسها..وكان لابد ان ينطلقا فى الموعد المحدد للسفر وفى خلال ساعات كانوا قد وصلوا الى اسوان وضعوا ثيابهم بالفندق الكبير الذى سينزلون به
شغلت نفسها بلاعداد لبرنامج الرحله..ونحت براين جانبا..كانت اسوان لاتقل سحرا عن الا قصروكان مشهدالنيل فى اسوان ساحرا الى اقصى درجه مع تدفقه خلال الصخور وجزره الرماديه التى غطتها بساتين النخل والنباتات الاستوائيه..
يمكنها ان ظل لبقية عمرها تقف على كورنيش اسوان تتابع ببصرها القوارب الشراعيه وهى تمخر عباب اليم ..تحفر السماء بسواريها الطويله
استمتع الجميع بما فيهم هى بالجلوس فى المطاعم العائمه الموسيقى النوبيه تنساب الى آذانهم
كما ان اسواق اسوان قد حازت على اعجاب الفوج كله بروائحه الممتزجة بالتوابل والعطور
قاموا بزيارة معبد كلابشه..الذى يعود الى الامبراطور الرومانى اوكتافيوس اغسطس ..حوائطه مغطاه بالنصوص والنقوش وتصور آلهة مصريه مثل ايزيس واوزوريس.
كما ان رباب اصطحبتهم الى معبد فيله..الذى انتقل من مكانه الاصلى بجزيرة فيله ليتم تجميعه على جزيرة اجيليكا عقب بناء السد العالى .. وزاروا معبد ابو سمبلوالمعبد الاصفر{نفرتارى}الذى تم بناؤه خصيصا الى آلهة الحب والجمال هاثر,وايضا لزوجته نفرتارى..
وقاموا اخيرا بزيارة جزيرة فيله وجزيرة النباتات وايضا السد العالى
كانت رباب رغم انشغالها لا تنفك تفكر ببراين ..وقد حاول حاولت ساره ان تستميلها للحديث فتفضى اليها بما يعتمل فى نفسها لكنه آثرت الصمت..انتهت الايام الخمسه..وعادالجميع الى الاقصر من جديد..كم تشتاق الى هذة المدينه..انها تعودت الا تتنفس غير هواها..كانت والدتها سعيده ايما سعاده..
كان اول ما تبادر الى ذهنها ان تسال عنه هو ان كان احد ما قد سال عنها..تامل ان يكون براين قد فعل..لكن الاجابه كانت مخيبه للامال..سعد الجميع برجوعها..وفى المساء جلست الى والدتها تحكى لها عن رحلتها الاخيره..كان صوتها حزينا وشعرت والدتها بذلك..امرتها ان تحكى لها فراحت تقص عليها كل ما اختبرته من مشاعر وكا ما مر بها منذ لقائها ببراين..وكان حملا ثقيلا انزاح عن كاهلها..تنفست بعه الصعداء..ربتت والدتها على كتفها متفهمه لما تعانيه..وكلها حيره عن كيفية مواساة ابنتها..فتلك المرة الاولى التى يساور ابنتها فيها مثل تلك المشاعر,,
مرت ايام على عودتها من اسوان..اصبحت كطواحين الهواء تعمل بلا هواده تحرق طاقتها فى العمل كى لا يتبقى لديها منها ماتفكر به ببراين
وفى احد الايام..كانت تجلس فى مكتبها بالشركه وامامها تتكدس الكثير من الاوراق بلا ترتيب..سمعت طرقا على الباب اذنت للطارق بالدخول ولم تزل منهمكه فى قراءة الاوراق..انتظرت ان يعرض القادم مالديه وحينما طال الصمت رفعت عينيها تستكشف من القادم وتعلقت عيناها بالزائر الغريب..:براين
انهمرت دموعها وانحدرت على وجنتيها دون ان تتمكن من السيطره عليها
:كلا لا تبكى ارجوك..
:ظننت ان مكروة قد حل بك..لقد حاولت البحث عنك لكن شجاعتى خانتنى
:هأنذا بجوارك ولن ارحل من جديد..مسح دموعها بانامله
:اتعدنى الاترحل ثانية
:اعدك...هيابنا
:الى اين.اخذ حقيبتها من فوق المكتب ليناولها اياها..وامسك هاتفها الجوال بيد وبالاخرى امسك يدها..كان الجميع يتابعون مشهد انصرافها وهم يتغامزون..حاولت ان تبطن نظراتها بالصرامه والجديه لكنهم تجاهلوها..وصلوا لاسفل البنايه فتح رباب هاتفها وقام للاتصال بشقيقها احمد..
:رباب؟
:كلا انا براين
:هل هناك خطب ما؟هل وقع مكروة لرباب؟
:كلا ابدا ..صدقنى ..اريدك ان تاتى للمنزل حالا..فهناك اخبارا اود ان تكون ساره..
انهى الكالمه والتفت اليها::امسك بكتفيها بين يديه وادارها لتواجهه..:رباب هناك شىء هاما لابد ان تعرفيه..بل كان لابد ان تعرفيه منذ التقينا..انا,,انا..كانت هى تنتظر بشغف ما سيقوله وتعلقت عيناها بشفتيه..احبك..اهذا ما قاله ما انها تخيلت ذلك
:نعم احبك لا تسالينى كيف او لما احببتك ولا تلقى على مسامعى اسئلة قد لا يمكننى ان اجيبك عليها فهى لا تزال غامضة بالنسبة لى ..هل تقبلين بى زوجا؟
لم تكن قد استفاقت بعد من وقع كلمة احبك عليها ليفاجئها بطلبه للزواج..لكنه كانت تصدق مايقول لانها هى ايضا شعرت بنفس احساسة دون ان تعرف كيف او متى او لما؟
رفعت كفيها لتمسك يد يه بين يديها.:نعم..اقبل
:اذم ماذا ننتظر هيا بنا..
فى صالون منزلهم كان الجميع مبهوتين بعد ان نزل عليهم طلب براين كالصاعقة...كانت الام اول من تحدث..:كيف يا بنى الست مختلفا عنا؟فهم هو ما تقصده بالاختلاف..:يبدو يا سيدتى ان رباب لم تخبركم شىء عنى..راح يروى من جديد قصته..واخرج من جيبه اوراق كثيره تثبت صدق كلامه..وثيقة تغيير اسمه..ديانته فى بطاقة الهويه..
لم تخبر هى امها شيئا عما اخبرها به براين لانها رات ان ذلك شىء خاصا لابد الرجوع فيه الى بيراين ان ارادت ان تخبر به احدا...بعد ان سرد براين قصته..كانت عينا السيده العجوز تدمعان ودون ان تشعر نهضت من مكانها لتعانق براين وتربت على كتفه مواسيه..والتف بعدها اشقائها حوله مسرورين بمعرفته..وكلا منهم يهنئه بعضويته الجديده فى عائلتنا..
صنعت لنا امى اصنافا شهيه للغداء وبالطبع كان هذا بمثابة ترحيب خاص منها ببراين او مروان كما اصرت ان تناديه..لقد دخل قلبها واغلقت عليه..جلس الجميع بعد الغداء يتحدثون..ورغم تحفظ الام على مسالة الزواج الا انها استشفت الخير فى ملامح مروان ووعدته ان تجيبه بالموافقه او الرفض بعد صلاة الاستخاره..
كان براين..او مروان كما طلبت امى منا ان نناديه وقد وافق هو..قد وطدت صداقته باحمد وحسين سريعا
وانفردت رباب بشقيقتها لقاء تستجوبها عن رايها فيه..كان الهواء فى الشرفه يداعب وجوههم برقة..ها؟مارايك؟
:لم تجب لقاء من فورها وتعمدت ان تبقى صامته قليلا..:اذن لم ينال اعجابك؟
سالتها لقاء وهل يهمك رايي؟
:بالتاكيد..فكيف ساتزوجة ان لم تعددى لى محاسنه
:لكنك لم تخبريننى عنه من قبل..السنا صديقتان
علت حمرة الخجل الى وجة رباب:اجل لكن كنت خائفه حتى من الاعتراف لنفسى باننى احبه؟
:لما انه وسيم جدا وعيناه صافيتان كصفحة نيلنا..وطوله الفارع يشبه ملك فرعونى..اما شفتاه...صرخت فيها رباب:كفى .كفى ما كل هذا ايعجبك الى هذا الحد..ضحكت لقاء:اتغارين عليه.قرصتها رباب فى جنبها فتلوت لقاء مبتسمه..
بقى مروان معهم للعشاء بعد ان اصرت عليه امهم..وتبادلوا على العشاء احاديث متفرقه عن مصر وعن طفولتهم وكيف انهم لولا تماسكهم معا لتشتتوا بعد وفاة والدهم خاصة انه لا اقرباء لهم فوالدهم كان وحيد والديه واقرباء امها قد شغلتهم اسفارهم عنهم
انفض مجلسهم بعد قليل وودعهم مروان وعاد المنزل لطبيعته الهادئه بعد ان كان يضج بلاحاديث والضحكات..لم تنبس السيده صفيه ببنت شفه..وتوجهت الى غرفتها بعد ان توضات
اما احمد ورباب فلقد بقيا قليلا فى مكانيهما
:انه طيب..اكاد المس طيبته فى حديثه..انه مناسب لك..
:احقا ما تقول
:نعم يا شقيقتى العزيزة..كما اننى اشعر بذلك اللهيب الذى يقفز من عينيك كلما رايته..لست وحدك من احببته منذ اول وهله..كلنا فعلنا..نهضت رباب من مكانها تعانقه..انت اجمل اخ حظيت به فتاة يوما
:فلتقولى هذا لمن ستصبح زوجتى..
:الم تجد واحدة بعد
:ربما لكن ليس الان فلانظار الان مسلطة عليك
سمعا صوت شجار ياتى من غرفة لقاء ورباب
نهضا يستكشفا الامر..كان حسين يتشاجر مع شقيقته لانها تقول ان براين سيفضلها عليه..لكن حسين يرى انه سيجذب اهتمام براين اكثر
التقت نظرات رباب واحمد وقال لها احمد:اترين هذا ما كنت اخبرك عنه
وانفجرا فى الضحك
مرت ايام وهى بانتظار ان تعلن امها قرارها..وبعد ستة ايام كامله اعلنتها والدتها صريحة..
سارعت رباب بلاتصال ببراين ودموعها تنهمر..لقد وافقت
هكذا اخبرته وانهت الاتصال
فى المساء اتى مروان ومعه صديقه سيف..الذى حاز اعجاب لقاء من اول نظره..فقدكان لبقا جذابا..
تنحت بها امها لبضعة دقائق:رغم خوفى كاى ام من عاقبة هذا الاختيار لكننى اثق باختيارك وبحدسى..واعلم ان الله لن يخذلنا..وفقك الله يا بنيتى..وطبعت قبلة على جبين ابنتها..
قام شقيقاها باستطلاع امور مروان الماديه..وتاكدا من قدرته على تحمل نفقات الزواج..لكن مروان كان لديه شىء يخبرهم به..كان عليهما ان يتزوجا فى اقرب فرصه والحصول على تاشيرة سفر الى باريس حيث مقر اقامته بعيدا عن سطوة والدته..قال سيف انه قد اعد كل شىء هناك..وانه قد اعاد تهيئة الشقة الصغيرة لتتناسب وكونها شقة سكنيه
كان الجميع يقسمون المهام وكانهم خلية نحل منظمه حتى امى وعدتهم بسرعة تحضير الزفاف البسيط الذى سيقيمونه لى بعد الانتهاء من مراسم عقد القران فى السفاره..وعيها الان فى تجهيز اوراق السفر واخذ اجازة مفتوحه من العمل
الفصل الثامن
كان زفافهما بسيطا لكنه جميل رغم انه لا يعدو ان يكون حفله صغيره ضمت اسرتها والاصدقاء وزملاء العمل..وقامت لقاء بتقمص دور المضيفه..ودارت على الحاضرين لتقديم المشروبات وبخاصة سيف..الذى ابدى اعجابة باناقة ملابسها..كانت رباب تشعر بدبيب علاقة حب وكان الاجواء قد صرت معبقة بهذا الاحساس..هنىء الجميع العروسين..ووتصنع مديرها الغضب منها
:لولا انه قد اصبح زوجك لقتلته..لانه سيختطف منا افضل مرشدة سياحيه لدينا..شركتنا لها الله من بعدك..لكنها دوما بانتظارك متى اردت الرجوع اليها..
شكرته كثيرا وقد اثرت فيها كلماته..بعد ساعات كانت شركة خطوط الطيران المصريه عن قيام رحلتها المتجهه الى مطار اورللى بباريس..تبادلت القبلات الحاره الممتزجه بدموع ثخينه مع اشقائها وظلت تبكى بين ذراعيها لفترة ليست قصيره حتى تكرر النداء على الركاب المتجهين الى فرنسا..كان لابد من الذهاب فودعتهم مرغمه..
فى ذلك الوقت كانت ميراندا وينتورث تخبط سطح مكتبها بيدها..لقد علمت توا ان براين قد دفع حسابه فى الفندق وتسلل خارجا دون ان يلحق بها ذلك الاحمقان اللذان وظفتهما لمراقبته..طلبت من سكرتيرتها ان تستعلم من شركة الطيران ان كان قد حجز تذكرة الى نيويورك..لكن الجواب اثار حنقها اكثر
تناولت السماعه وضربت رقما لياتيها صوت محدثها على الطرف الاخر بعد ثوان قليله
املت عليه اوامرها باقتفاء اثر ابنها وايجاده مهما كان الثمن ..اغلقت الخط واعصابها تشتعل ثورة..
فى الطائره تغلب النعاس على رباب فاتكات على كتف براين وراحت فى سبات عميق وكانها تهرب من فكرة رحيلها من مدينتها الآسره..
اما هو فقد كان يحفر وجهها فى قلبه..كيف حررته تلك المراة من الرق..اخذ عهدا على نفسه ان يعوضها ما حرمت منه من حنان الاب وقسوة فراق الاخ..وسيتوجها ملكة على عرش فؤادى وهل ياترى قد يفيها هذا حقها عليه؟
اوشكت الطائر على الوصول لمطار اورللى ..ايقظ براين رباب من غفوتها..ارادها ان تشاهد نهر الانوار الذى يجرى فى اسفل..فيما بعد كانت رباب تحملق فى كل شىء حولها..وكان براين يحتل منصب الرشد السياحى لها..:باريس مدينه ساحره كما ترين ..تقع على نهر السين..يرجع اسمها الى قبيلة كلتيهكانت اول من سكن المنطقه وتدعى parisiiوهى معروفه بمدينة النور.la ville lu miere.اتدرين لماذا
هزت راسها نفيا..:لانها كانت اول مدينه فى اوروبا تضاء طرقاتها بمصابيح تعمل بالجاز..
كانت رباب منبهره بجمالها الصارخ,,اتعلمين ان فرنسا كانت مرتعا لا شهر الرسامين الا وهو مونييه..كان يرى فيها معبدا للجمال يستحق الرسم
قد اتمكن يوما من اصطحابك الى الشانزليزيه وبرج ايفل وقوس النصر ونوتردام وحديقة النباتات وقصر العدل وغيرها من الاماكن التى تستحق المشاهده
:هل زرت كل هذا؟
:هل هناك شىء فى الاقصر لم تزوريه؟
:لا اعتقد
:هكذا انا كل شغوف بما لديه
لم تكن الايام التاليه بمثل جمال مدينة باريس..
كانت الشقة التى يملكها براين فى احد احياء باريس البسيطه..البسيطه بالنسبه لباريس وليس بالنسبة للفتاة الصعيديه القادمه من جنوب مصر..كانت الشقه عبارة عن حجرتين ابدع سيف فى اعدادهما ومطبخ اوروبى شديد الاناقه..وحمام فخم..تشبه قصرا صغيرا رغم بساطة اثاثها..سر براين انها قد اعجبتها..وقفا امام النافذة الزجاجيه التى تصدرت نصف الجدار المطل على الشارع..تشلبكت ايديهما وهما يتاملان الحى السابح فى الوان قوس قزح والامطار تدق على الطرقات كسيمفونيه لموتسارت..
وكان الناس يحتمون بالمظلات من الامطار المنهمرة وكل عاشقين يمسكون بمظلة واحدة ودفء قلبيهما يحميهما من البرد القارص..شدت باصابعها على يد زوجها كانها تتاكد انه لازال معها ولي حلما يراودها..
كان سيف يمر بتحقيقات واسعه من مخبرى السيده ريموندا وينتورث ناهيك عن تهديداتهم ولعناتهم التى صبوها على راسه دون ان يستخلصوا منه شيئا..فكر باللجوء للشرطه لكنه راى انه حل غير مجدى لانه لا دليل على صدق اقواله
كان عمل براين فى الرسم غير مربح وكان لابد ان يبحث عن عملا اخر يفيه احتياجاته وزوجته..حتى التحق بالعمل كبائع باحدى المكتبات القريبه من مسكنهما..ورات رباب ان بقائها بالمنزل دون عمل شىء سىء فكانت تجول فى الاحياء القريبه تبحث عن عمل خاصة انها تتحدث الانجليزيه والفرنسيه بطلاقه كما انها ملمه بالايطاليه..وفى المساء تعود منهكه وعلى وجهها خيبة الامل..
فى صبيحة احد الايام اتجهت رباب لتناول غدائها فى احد المطاعم المجاورة نظرا لان براين لايعود من عمله الا فى المساء..وقرات على ورقة ملصقة على حدار المطعم اعلان عن وظيفة نادله شاغره بالمطعم,,ورغم توجس صاحب العمل منها خيفة لكونها مسلمه كما هو واضح من ثيلبها الا انه تعاطف معها بعد ان راى حاجتها الماسه للعمل..واعطاها اياة على مضض
لم ترى سببا لاخبار براين بطبيعة العمل واكتفت بان اخبرته انها ستعمل فى مطعم وهكذا صار لديهما دخلا تمكنا منه من تسديد فواتيرهما وشراء ما يحتاجانه كما ان ايام العطله كانت تمثل لهما اجمل الايام التى يقضيانها معا..كانا يتشاركان فى اعداد الاطعمه وتنظيف المنزل وحمل الملابس المتسخة الى المغسله باسفل البنايه وانتظار دورهما وهما يضحكان
وخلال الايام التى عملت بها بالمطعم نالت اعجاب كال العاملين معها لالتزامها بالمواعيد وجديتها فى العمل ونالت ثقة صاحب العمل الذى كان يشيد بها دائما امام موظفيه
كان قد مر ثلاثة اشهر على وجودهم بباريس..لم تنقطع فيها اتصالاتها باشقائها...
سمعت رباب صوت المفتاح يدور فى قفل الباب فسارعت باطفاء الانوار..دلف براين الى الشقه كاد قلبه يتوقف خوفا فعلى غير العادة تطفىء الانوار.زخشى ان يكون قد وقع مكروه لرباب اسرع باضائته صارخا باسمها..كانت امامه وضعت يدها على قلبه
:اهدأ انا بخير..
:لقد كدت اموت رعبا..شملها بعينيه من راسها حتى اخمص قدميها كانت ترتدى فستان من الستان الاسود المرصع بحبيبات خرزيه ملونه..لم تغضب انها اخافته بل شعرت بسعاده بالغه من خوفه عليها..
:الا تعلمين ايتها المرأة الجميله بان دخولى الى منزلى بعد يوم عمل شاق لاجد الظلام يعم المكان وصوتك لا يضج فى المكان يعطينى ايحاء بان مكروة قد اصابك
قالت بدلال:لم اكن اعلم
:ها قد علمت فلا تفعليها مجددا..وقع بصره على قالب الجاتوه الموضوع فوق المنضده
:ما مناسبته..اهو عيد ميلادك..هزت راسها نفيا:اذن عيد ميلادى واراد ان ياخذ قطعة منه..فامسكت يده قبل ان يصل الى القالب:كن جادا انه ليس عيد ميلادك
:اذن اهو احتفال بشىء ما
:نعم..لقد ضربت على الوتر الصحيح
همهم مفكرا..:ماذا هناك اخبرينى..امسكت بيدة لتضعها فوق بطنها ..لم يعى ماتقصدة..قالت بنفاد صبر نحن ننتظر ضيفا..
همهم مفكرا..:ماذا هناك اخبرينى..امسكت بيدة لتضعها فوق بطنها ..لم يعى ماتقصدة..قالت بنفاد صبر نحن ننتظر ضيفا..
:اى ضيف؟ :لقد ذهبت الى الطبيب اليوم
:امريضة انت ؟لقد لاحظت هزالك.. مابك؟..بماذا اخبرك الطبيب..اهناك شىء خطير
قاطعت سيل الاسئله المنهمر من شفتيه ووضعت اصبعها فوق شفتيه:سنرزق طفلا..
فغر فاه..ثم احتضنها بقوه..ساصبح ابا ..ساصطحبه لمشاهدة مباراة كرة القدم وسنتسوق معا وارافقه الى مدرسته..سيكون جميلا مثلك..اهذا صحيح ساكون ابا
اعادته رباب الى الواقع من حواره الشارد مع نفسه..هناك شىء يؤرقنى
:ماهو اليس الطفل بخير
:اجل ..ليس هذا ما اقصده لكننا هنا فى الغربه بالكاد يمكننى البقاء متماسكين فكيف يمكننا تربيته هنا..بعيدا عن الوطن الذى نشات فيه..اخاف عليه من قسوة الغربه..سيكون بمأمن ان نشا بين اسرتى..هل يمكننا ان نعود؟؟
تعلق السؤال فى الصمت المخيم عليهما
استيقظت رباب مبكرا ..انسلت من الفراش بهدوء تاركة براين يغط فى نوما كلاطفال..كان اليوم عطله ولابد ان تون الشوارع فى ذلك الوقت هادئه..ارتدت رباب ثيابها على عجل وتناولت المعطف السميك وتذكرت قبل ان تذهب ان تكتب ورقة الى براين تخبره فيها بذهابها للاتصال بوالدتها...كانت الحديق القريبه تضج بلاطفال الذين اصطحبهم الاهالى لقضاء العطله فى الهواء الطلق..سارت فى طرقات المدينه التى لاتنامالوجوه مختلفه عن تلك الوجوه السمراء المحببه التى اعتادت على رؤيتها فى موطنها..اين ابتسامتهم الصافيه؟واين تلك الضوضاء التى تضج بحا حركة المرور فى الشوارع القديمه..والمراكب الشراعيه باشرعتها الناصعة البياض؟؟اين كل هذا الان؟...
براين شخص قد لاتجدة فى الحياة الا مرة واحده..لكنها الغربه تتملكها احيانا فتشتاق لطلة الصبح وبزوغ الشمس فوق شرفة منزلهم بلاقصر..وضعت يدها على بطنها تتحسس وجود ذلك الزائر القادم..كيف تمنحه حياة جيده فى وطن لا تشعر فيه بهويتها؟
كان الجو شديد البرودة فاحكمت لف المعطف حول جسدها ..وتوقفت بعد برهه امام هاتف عمومى وضعت بضعة عملات ثم طلبت رقم منزل ابيها..اتاها صوت الرنين على الجانب الاخر ثم قطعه صوت والدتها اامحبب..هللت امها فرحة لسماع صوت ابنتها طمأنتها رباب على حالها وزفت اليها خبر حملها..وسمعت صوت بكاء ياتيها من الجانب الاخر
:لا تبكى يا امى فزوجى اروع شخص قد تعرفيه..وهو لا يتوانى عن اسعادى والا هتمام بى..وبعد تبادل الاخبار عرفت رباب بان سيف ولقاء يوشكا ان يعلنا خطبتهما مما هون عليها شعور الحزن الذى انتابها وانهت المكالمه وقد ارتاحت قليلا..وكانت فى مقلتيها دموعا تهدد بلانحدار لكنها نفضت عنها افكارها الكئيبه وعادت من حيث اتت..
حينما وصل الى البنايه التى تقطن فيها ارتقت درجات السلم ببطء..وحاولت بيد متجمدة ان تفتح باب شقتها لكنه فتح فجاة ليظهر وجه براين القلق من خلفه..حاولت ان تتكلم لتبرر له سبب غيابها لكن الرؤية غامت امام عينيها وسقطت فاقدة الوعى
الفصل التاسع
كانت ريموندا جالسه على المقعد فى مكتب والدها وهى تطرق باصابعها بعصبيه على سطح المكتب..كان والدها لم ينتهى من اجتماعه بمداراء الشركه..مما اضطرها لانتظاره بمكتبه..كان الغضب قد تملك منها حينما شعرت بقدوم والها للمكتب..اقتحم والدها المكتب معنفا اياهابثورة عارمه لانها تطاولت على السكرتيره,,كما انها قد اساءت لمظهر الشركه امام العملاء فى حفل الاستقبال الذى اقيم مؤخرا:
:ماذا دهاكى؟
:ارجو ان تسامحنى فلست فى مزاج يسمح بتقديم مبررات لافعالى
:ومتى كان مزاجك يسمح؟...هات ما لديك..ماذا هناك؟
:انه براين..علمت انه تزوج من فتاة مصريه التقاها عناك فى رحلته الاخيره
:اذن؟
:اريد استعادته..اليس هو حفيدك الوحيد.؟
:هل انت مجنونه؟..لقد اخبرتك الاف المرات اننى لم اقبل زواجك منذ البدايه فلا تتوقعى قبولى لابنك كحفيدا لى
استعطفته:ارجوك يا ابى انه ابنى الوحيد..
:لم يكن هناك بدا من الرضوخ لطلبها فقد كانت ابنته الوحيده المدلله
:حسنا..سارى ماذا يمكننى ان افعل بهذا الصدد
خرجت من مكتب والدها وكلها ثقة بان الشهور الثلاثة التى قضاها براين بعيدا عن سيطرتها سيدفع ثمنها غاليا..وغاليا جدا
عندما فتحت رباب عينيها وقع بصرها على براين نائما على المقعد المجاور للسرير ويده ممسكه بيدها..ارادت ان تنهض لكن براين استيقظ من غفوته وامرها الاتتحرك ..هكذا قال الطبيب
:طبيب اى طبيب؟
:الذى جلبته لفحصك بعد ان فقدتى الوعى عند عتبة الباب..جلس بجانبها على طرف الفراش..لقد كدت ان انهار وانا اراك تفقدين الوعى امامى..الم يكن لديك ذرة تفكير قبل الخروج فى هذا الجو البارد؟؟
:اسفه..
:لا تكونى..فانا اعرف ما تعانيه..وماتحاولين مداراته عنى..
:الهذه الدرجه تحبنى؟
:ولاى درجه تظنيننى افعل؟فليس كل يوم اتزوج امراة حمقاء اوقعتنى فى حبها ..واجبرتنى على اختطافها من مدينتها الى قلبى..انا جد احبك..لهذا علينا ان عنود
:نعود؟الى اين
:الى حيث يمكننا ان نشعر بالامان..الى موطننا..حيث ساجد من يمدلى يد العون ان فقدتى وعيك ثانية..فانا هنا وحدى لاحيلة لى
لقد ضحيت بعالمك الفرعونى من اجلى..والان علينا ان نختار ما فى صالح ذلك الصغير واشار الى بطنها
استعدوا للرحيل..وقد حزن صاحب المطعم لرحيلها واقام لها حفلة صغيره شارك فيها كل زملائها..وعدتهم ان تاتى لزيارتهم اذا سنحت لها الفرصه وستحاةل ان تراسلهم كلما امكن ذلك..تجولت هى وبراين كثيرا واشتريا العديد من الهدايا ..ولم تصدق رباب نفسها والطائرة تحط بهم على ارض مطار القاهرة الدولى..
وقبل ان يهبطا من الطائره قالت رباب لبراين:ثق اننى ساحمل حبك فى قلبى لاى مكان فقد اخترت قلبك ماوى لن اهرب منه..
كان الجميع بانتظارهم ..سيف ولقاء واحمد وحسين وامها..ارتمت رباب فى حضنها وقلبها يخفق سعادة
فى الاقصر..
لا يزال النيل على حاله بصفحته المتالقه..عبير مميز لم تشم سواة فى اى مكان اخر..عبير الحب و عبق التاريخ..
كان الهاتف الداخلى فى كتب فريدريك وينتورث يرن اخبرته السكرتيره انها مكالمه عاجله من مصر,..افتر ثغره عن ابتسامه..انصت للحوار ثم اغلق الخطوقام فورا بالاتصال بابنته::لقد عاد
:حقا
:لكنه ليس بمفرده معه زوجته ..وهى ايضا وسكت قليلا
:ايضا ماذا؟
:حامل
:ماذا؟تلك الحقيره..ماذا تظن انها فاهله..تاتى بحفيد عربى اخر غير مرغوب فيه؟؟هذا ما لن اسمح به
كان رباب وبراين يسيران فى طريق عودتهما لمنزل امها بعد جولتهما فى السوق لشراء بعض الاغراض حينما برز لهما رجلان ضخام الجثه..طلبا بهدوء ان يرافقهما براين لزيلرة شخص عزيز طال انتظاره لهما
رفض براين الذهاب فانهال عليه الرجلان ضربا لكن صراخ رباب اثار انتباة الماره الذين تجمهروا حولهم لرؤية ما يحدث فخشى الرجلان من عاقبة الامر ولاذا بالفرار..........كان واضح ان ذلك رساله من والدة براين
فى شرفة منزلهم جلس براين يتابع عصفور يحلق عائدا لعشه بعد ان حل المساء..لابد ان يجد حلا..انه لا يامن مكر امه..قد تفعل اى شىء دون ان يرف لها جفن..
::حبيبى لاتخف..انا بجانبك
:بل هذا هو اكثر ما يخيفنى..فذاك كان انذارا بسيطا..لكن اللعبة الكبرى لم تبدا بعد..لابد ان اذهب لاراها
:كلا
:لا تخافى فهى رغم قسوتها لم تمسسنى يوما بسوء وساظل دوما ابنها..مهما فعلت
اوصى سيف ان يرعى زوجته فى غيابه..اصر احمد على مرافقته فى السفر ولما لم يستطع براين ان يثنيه عن عزمه وافق وقاما بحجز التذاكر الى لندن فى اقرب فرصه
لم يستطع براين ان ينتظر كثيرا بعد وصوله الى لندن ..فى دقائق كان يقف اسفل البناية الشاهقة الارتفاع التى يقع بها مكتب والدته بعد جدال طويل اقتنع احمد بانتظار براين اسفل البنايه..:احمد..
:ماذا هناك؟
:اخبر رباب اننى احبها كثيرا
:ماذا
:لا شىء اراك فيما بعد
واستقل براين المصعد الى الطابق الذى يقع فيه المكتب..وقامت السكرتيره باخبار ريموندا بوجود براين فسمحت له بالدخول
:اهلا بعودة الابن الضال..هل تذكرت الان ان لديك ام وان هناك اتفاق قد نقضته؟
:امى هذه حياتى اتركينى احياها كما يحلو لى
:لديك حياة اتفق معك فى هذا لكنك ستحياها كما يحلو لى انا
صرخ بها:الم تكتفى من الانتقام؟تذكرتى الان ان لك ابنا قد تجاهلتيه طيلة الاعوام السابقه
لملمت ريموندا بضعة اوراق من فوق المكتب وضغطت زر الاتصال الداخل واتاها صوت السكرتيره فطلبت منها ريموندا ان تستدعى السياره لانها ستعود الى المنزل
قالت قبل ان تتوجه الى الباب لتفتحه..لقد نقضت اتفاقنا واليك ما اريده..عليك ان تترك تلك الفتاة وتنسى امر والدك وتعود الى هنا وسامنحك كل شىء..او..انت تعلم ما بامكانى ان افعله
وخرجت من الباب ..القت على السكرتيره بضعة تعليمات وبراين يصرخ:تلك الفتاه زوجتى ولن اتخلى عنها..اتفهمين..
نظرت له بطرف عينها وقالت باستهزاء:غبى.........استدعت المصعد ودلفت اليه وتبعها براين
نزل بهما المصعد وبراين لايزال يتوسل اليها ان تتركه وشانه ..وعدها الا يزعحها ابدا..لكنها ظلت فى برودها وكانها لا تسمعه وحينما وصلا للطابق الارضى خرجا من المصعد فى طريقها لباب الخروج وامام البنايه يقف احمد بانتظار براين..امسكها براين من ذراعها ليديرها ناحيته بسرعه تناولت مسدسها الصغير من جيب معطفها لكنه كان اسرع منها فامسك معصمها واجبرها على افلاته فى تلك اللحظه جاء الحارس ليخبرها بوصول السياره وظن ان براين يهاجمها رفع مسدسه وقبل ان تنطلق صرخات ريموندا تامره بالا يفعل انطلقت الرصاصه لتستقر فى قلب براين..وسقطت تحت قدمى امه التى لاول مرة يتحرك قلبها وتهالكت عند جسد براين المضرج بالدماء همس من بين تاوهاته ببضعة كلمات..رباب..احبها..يا امى الحب هو كل شىء..واغمض عيناه غير شاعر باى شىء
الفصل العاشر
كان احمد يرزح تحت عبء كبير..كيف سيخبر رباب بقتل براين..كان لايزال لا يصدق ما رآه..لكنه تاكد انه هالك لا محاله بعدما حملت سيارة الاسعاف والدماء تنزف من جسده بغزاره..انتظر ان يسمع خبرا جيدا ولحق بسيارة الاسعاف لكنه فى النهايه تاكد انه قد اسلم الروح..كان لابد ان يعود..فلا مفر من العوده
حينما فتح باب شقتهم بلاقصر تفاأت رباب بعودته بمفردته..راعها دمعتان سالتا من عينى شقيقها..هل سيبقى براين مع والدته ولن يعود اليها..سالته..اجابها باقتضاب انه لن يبقى مع احد
:ماذا تعنى؟
:لقد قتلوه عندما.........
لم تنصت رباب لباقى الحديث بل جرت الى الباب تريد الذهاب الى حبيبها حيثما كان..منعها اشقائها وهى تصرخ فى احمد تركتهم يقتلوه..كيف تتركهم يفعلون ذلك..لما لا يقتلونى انا
وانهارت على الارض مغشيا عليها..كانت تسقط فى دوامه يمر فيها كل شىء امامها كشريط سينمائى..لقائهما..رحلتهما بالمنطاد.زضحكاتهما..كل شىء..
لم تعود لحالتها هكذا اخبرت لقاء سيف حينما هاتفها ليطمئن على رباب:انها جثه تسير على قدمين..خبت انفاسها..وهزل جسدها..وكل ما يعينها على الصبر هو ذلك الطفل الذى ينمو فى احشائها تحاول ان تستبقيه داخلها كى يتبقى لديها من ذكرى براين شىء حى
بعد مرور شهرا ونيف على وفاة براين رات رباب ان تعود لعملها قد تنشغل به عن اسعادة الذكريات التى تمزقها كلما تذكرتها..لم يرى مديرها ما يمنع عودتها للعمل رغم انها نصحها بالتروى حتى تستعيد عافيتها لكنها صمت آذانها عن كل نصائح البشر
ورغم انها قد فقدت حماسها للعمل لكنها كانت تتذكر وجه براين وهو يشجعها على القيام بعملها على احسن وجه
انتبهت من شرودها على صوت احد الاشخاص يسالها عن موعد جولتهم فى السوق لرغبته فى شراء هدايا لابنائه..تذكرت براين حينما علم بحملها كيف كان سعيدا وراح يخطط للتسوق مع ابنهما بعد ان يكبر..كرر الرجل سؤال فاجابته واعتذرت منه على شرودها
كانت تعود للمنزل مرهقه لتلقى بجسدها المنهك على الفراش وتستسلم للنوم تحتمى به من اعاصير الذكريات التى تجتاحها..
كلفها مديرها بالذهاب فى زياره للفوج لمعبد الكرنك..ذكرته بان اليوم هو جولتهم بالبر الغربى لكنه اخبرها انه قد غير برنامج الجوله فلم تعترض رغم ان زيارتها لذاك المعبد تجلب الياس والحزن لقلبها.زحيث التقت براين للمرة الاولى هناك..بعد ان سردت عليهم ما تعرفه عن المعبد..جلست تستريح قليلا على نفس القطعه الحجريه التى كانت تجلس عليها يوم التقت ببراين..
كان المكان رغم جماله كئيبا بنظرها قبل ان تسترسل فى افكارها ومض فى وجهها فلاش كاميرا..نظرت لترى من القادم..ظنت ان عقلها قد اصابه الجنون..دعكت عينيها باصابعها..لم يختفى الشبح الواقف امامها ..لفت يديه حول نفسها تحتمى من جنونها..لكنه اقترب منها
لمس اناملها
..اتراها تحلم؟ مر بيده على وجهها شعرت بدفء اصابعه
:هل انت هو؟
:ومن سوايا؟
:لا اصدق ..كيف..ومتى عدت.. تلفتت حولها لعل الجميع يرى لوثتها
هيا بنا..سحبها من يديه مارا بزميليها فى العمل واستئذنهما فى الانصراف وافقا وكانهما على علم مسبق بمجيئه
:مهلا...هل ترياه
هزا راسيهما موافقة
واكمل براين طريقه ذاهبا الى مقعدهما عند صفحة النيل العظيم..تشبثت رباب به وكانها تخاف ان يكون شبحا لن يلبث ان يرحل
تحدث ببطء وفى عينيه شوق جارف..:كنت على شفير الموت..لقد اصابتنى الرصاصه واوشكت ان تودى بحياتى وقال الاطباء ان نجاتى هى بحد ذاتها معجزة..لقد كان حبك لى سترة نجاه..احتميت بها من الموت..حينما افقت كنت انت اول شىء ابحث عنه..فتشت عن عينيك بين عيون الحاضرين ولما لم اجدها رحت اسالك عنك كل من زارنى..لقد قيدتنى الرصاصه الى الفراش وامى قد حاولت جاهده ان تطمس حقيقة نجاتى واتفقت من الجميع على القول بوفاتى ومنعت عنى الاتصالات كما لو كنت فى سجن انفرادى..وعن طريق المصادفه علم سيف بنجاتى لكنه لم يتيقن من الخبر لذا لم يخبرك جائنى بنفسه وفعل المستحيل لرؤيتى اخبرنى اول شىء عن معاناتك بعد معرفتك بموتى..لم استطع البقاء اكثر تجاهلت تحذيرات الاطباء وخرقت كل قواعد الحرص وجئت لابحث عنك..وقبل ان اصعد الى الطائرة رايت امى كما لم اراها من قبل شاحبه كسيرة القلب ,,خوفها على وشعورها بالذنب لما اقترفته من ذنوب بحقى ارغماها على طلب الصفح منى وقد منحتنى مباركتها على زواجى
لقد وعدتها الا انساها وان نزورها كل حين..وطلبت منى الا اذكرها بالسوء عند ابى ان وجدته
وهانا امامك الان ..واطمئنى لابد ان الجميع الان ينتظرون عودتنا فلقد طلبت من خالد ان ينقل لهم خبر عودتى
:امسكت بكفه وقد تركت راسها على كتفه يتابعان معا مغيب الشمس وفى داخلهما شىء يشرق من جديد,,شىء اسمه الحب
تمت
مص