كلمة تقال حين نقول نحن ولدنا احرار ونحن نعيش في وطن حر نحن ونحن . وأخير حق يكفله الدستور والدين ولكن السؤال الحقيقي هل نحن أحرار فيما نفكر ونعتقد فعلا ام مجرد كلام يقال ؟المعنى الحقيقي للحرية في مفهومي البسيط هو ان اعبر عن ما اريد بكل بساطة دون المساس باي حق من حقوق الدين او كما يقال في الدستور دون المساس بكيان الدولة . ولكن في نفس الوقت من حق الإنسان أن ينتقد وهنا تكمن المشكلة في كيفية تفسير الموضوع بشكل التالي هل إبداء الرأي هو تجاوز حد كما يقال عند البعض ام انه من حق الفرد
لا قيمة للإنسان في بلاد تخلو من الحرية, لكن هذا المعنى البسيط والبديهي. ولو أمعنا النظر في الحكمة المذكورة أعلاه لذهب بنا التحليل المنطقي إلى أن الحرية المقصودة ليست مجرد حرية الكلام وحيث تتعامل الحكومات مع الإنسان في المجتمع وفقاً لقاعدة لاإنسانية مفادها: "قلْ ما تشاء ثم اشرب من البحر". أو قاعدة: "قلْ أيها الإنسان ما شئت, ونفعل نحن ما نشاء", كما هو حال حكوماتنا العربية. بل المقصود هو اعتبار "الحرية" للإنسان حقاً طبيعياً يمنع الآخرين من الحيلولة بينه وبين ممارسة هذه "الحرية" بكل حرية, دون حاجة لاستئذان أحد, حكومة كان أم جماعة دينية أم سياسية, ما دامت هذه الحرية لم تسبب الأذى المادي الذي يمكن إثباته, للآخرين. حرية الرأي في البلاد العربية حتى تلك التي تتمتع كما يقولون, بهامش واسع من الحرية كالكويت مثلاً, وأستثني لبنان من الموضوع لوجود مساحة واسعة من الحرية وليس هامشاً فقط, تعني أن يمارس الكاتب حرية الكتابة لكن عليه أن يدفع ثمناً من كرامته إذا ما خالف قانون المطبوعات والنشر. وفي هذه البلدان يتعامل القانون الجزائي مع الكتابة والفكر كجريمتين جنائيتين بالتساوي مع جنايات القتل وهتك العرض والسرقة! ولاشك أن كثيرين لا يصدقون ذلك, لكنها الحقيقة التي يجهلها الكثير ممن يصدق حكاية "هامش الحرية" تلك التي يضحك بها النظام السياسي علينا... وهؤلاء أصفهم
بالأغبياء, ولست متجنياً عليهم بهذا الوصف لجهلهم واقع الحال في مجال الكتابة, بل ولعدم حرصهم على البحث في هذا الموضوع بشكل جدي. قوانين المطبوعات والنشر في البلاد العربية, باستثناء لبنان إلى حد كبير, قوانين مُجرِّمة بكل معنى الكلمة, لأنها تجرِّم كل كتابة نقدية للقضايا الدينية، على سبيل المثال. وفي بعض البلاد العربية تحكم عليك المحاكم بالردة والتفريق عن الزوجة وتدفعك الأحكام الجائرة إلى الهروب من وطنك لكي تتشرد في المنافي, وفي بعضها يحكم بالجلد. في بلاد تنتشر فيها الرشوة والفساد السياسي واستغلال المناصب والإثراء غير المشروع, لا يتحمل نظام الحكم كلمة نقدية في قضايا الدين! وكثيراً ما تسمع من الجهلة تلك العبارة السخيفة: هل تريدون حرية نقد الدين؟ هل تريدون حرية الإباحية؟ هل تريدون الفوضى؟ في حين تراه صامتاً كتمثال أبي الهول إزاء الفساد خوفاً على مصالحه الخاصة. "الحرية" التي تجسد وجود الإنسان في البلد, أي بلد هي الحرية التي لا تحاسب الإنسان على رأيه مهما كان موضوع البحث, في الدين أو الجنس أو السياسة أو نقد الشخصيات العامة, وهو ما لا نجده سوى في الغرب فقط. أما في بلادنا العربية فعلى الكاتب أن يضع قانون المطبوعات والنشر في عقله دائماً وأبداً حين يمسك قلمه عند الكتابة. تطفح بها بعض الصحف؟ من يصدِّق أن محاكم التفتيش لا تزال موجودة في عالمنا العربي؟ هذه المحاكم التي تحاسب الإنسان على كل كلمة يتفوه
بها أو يكتبها, بل إنها تحاكمه على النوايا في كثير من الأحيان!!.. في بلاد كهذه لا يوجد الإنسان الذي يبحث عنه العقلاء.